الرِّسَالةُ الرِّعَائِيَّةُ الثَّانِيَة
رســـــــــالةٌ رعائيّةٌ
«بالنِّعمةِ نَنْمُو،
وَبِالخِدمةِ نَسْمُو،
وبِالمَحبَّةِ يَتَناسَقُ البُنيان»
برحمةِ اللهِ تعالى
يوحنا العاشـر
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق
إلى سائر أحبّائنا بالربّ يسوع
أبناءِ الكرسيّ الأنطاكيّ المقدّس، إكليروسًا وشعبًا
"نِعمةٌ لَكُم وَسَلامٌ مِنَ اللهِ الآب، وَمِن رَبِّنا يَسُوعَ المسيح، الّذي بَذَلَ نفسَهُ لِأَجلِ خَطايانا" (غلا 1: 3-4)
أحِبَّائي،
تَذكُرُونَ أنَّني اتَّخَذْتُ "بِالنِّعمةِ نَنمُو، وَبِالخِدمةِ نَسمُو، وَبِالمَحَبَّةِ يَتَناسَقُ البُنيان" شِعاراً لِلخِدمةِ البَطْرِيَرْكِيَّةِ الّتي انتَدَبَني إليها الرُّوحُ القُدُس، مِن خِلالِ انتِخابِ إِخْوَتي مَطارِنَةِ المَجمَعِ الأنطاكيِّ المُقَدَّس. وَقد حاوَلْتُ مِن خِلالِ هذا الشِّعارِ أنْ أُشَدِّدَ على كَونِنا مَدْعُوِّين، كَكَنِيسةٍ مُنتَشِرَةٍ في كُلِّ المَدى الأنطاكيّ، لِأَنْ نَقتَنِيَ النِّعمةَ وَنُتَرجِمَها خِدمةً في جَسَدِ المسيح، كُلٌّ بِحَسَبِ المَوهَبَةِ الّتي أُعطِيَتْ لَه، وَذلكَ بِجَوٍّ مِنَ المَحَبَّةِ الّتي هِيَ وَحْدَها "رِباطُ الكَمال"، كَما يُعَلِّمُنا الرَّسُول. هذا الشِّعارُ حاوَلْنا معاً في السَّنَواتِ الماضِيةِ أَنْ نُتَرجِمَهُ على أَرضِ الواقِع، فَنَجَحْنا في الكثيرِ مِنَ المَرّات، وَتَعَثَّرْنا في بَعضِ الأَحيان، وَلكنْ سَنَبقى على الطريقِ سائرين، لِكَي نَرى كنيسةَ أنطاكيةَ عَرُوساً لِلمسيحِ نَقِيَّةً لا عَيبَ فيها. وَلِذلكَ آتِيكُمُ الآنَ بِكَلِماتي هذه، كَأَعضاءَ مسؤولينَ في كنيسةِ المسيح، بِسَبَبِ مَعمُودِيَّتِكُم وَالمَسحةِ المُقَدَّسةِ الّتي مُسِحْتُم بها، لِأَضَعَكُم في أَجواءِ شُؤُونِ كَنيسَتِكُم، لِتَذكُرُوها في صَلَواتِكم، وَتَعتَبِرُوها هاجِساً أساسيّاً مِن هَواجِسِكُم.
1- نَشكُرُ اللهَ الّذي أَعطانا، كَكَنيسةٍ، "رُوحَ القُوَّةِ والمَحَبّةِ والبَصِيرة" لِكَي نَشهَدَ لَهُ في ظِلِّ الأَوضاعِ الشّاقّةِ الّتي يُعاني مِنها عالَمُنا وَبِلادُنا بِشَكلٍ خاصّ، والّتي جَعَلَتْنا نَحتَمِلُ آلاماً كثيرةً بِسَبَبِ حُرُوبِ الآخَرِينَ على أَرضِنا الّتي دَمَّرَتِ الحَجَرَ وقَتَلَتْ وَهَجَّرَتْ وَسَحَقَتِ البَشَر.
2- يُحزِنُنا أنَّ أَيادِيَ الشَّرِّ قَدِ امْتَدَّتْ إلى كَنيسَتِنا، وَخَطَفَتْ أَخانا المِطرانَ بُولُس (يازجي) مِتروبوليتَ حَلَب، مُنذُ أَكثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سَنَوات. وَيُحزِنُنا أَكْثَرَ أَنَّهُ، وَبِالرَّغمِ مِنْ مَساعِينا الكثيرةِ والمُتَواصِلَةِ مَعَ كُلِّ الهَيئاتِ والمُنَظَّماتِ الدّوليّةِ والمَحَلّيّة، لا نَزالُ حتّى الآنَ بِدُونِ أيِّ خَبَرٍ عَنه. فَنَطْلُبُ أَنْ تُضِيفُوا صَلَواتِكُم إلى صَلَواتِنا لِيُعِيدَهُ اللهُ إلينا وإلى شَعبِهِ الحَلَبِيِّ سالِمًا مُعافى. كَما نُصَلِّي مِن أَجلِ المِطران يُوحَنّا رَفِيقِهِ في الأَسر، وَمِن أَجلِ جَميعِ المَخطُوفِينَ مِن كَهَنةٍ وَعِلْمانيّين، وَنَسأَلُ اللهَ أَنْ يُقَوِّيَهُم، وَنَطْلُبُ مِنَ العالَمِ المُتَحَضِّرِ أَنْ يَلْتَفِتَ إلى مَأساتِهِم وَيَعمَلَ على فَكِّ قُيُودِهِم وَإعادَتِهِم إلى أَحِبّائِهِم سالِمِين.
3- ولقد عانَينا مَعَكُم مِنْ عَبَثِيَّةِ الحُرُوبِ الّتي عَصَفَتْ بِشَرْقِنا وَبِلادِنا، وَالّتي أَجَّجَتْها مَصالِحُ كِبارِ هذا العالَم، مَعَ ما رافَقَها مِنْ عُنْفٍ وَإرْهابٍ وَدَمارٍ وَخَرابٍ وَتَهجِيرٍ وَنُزُوحٍ وَفَقْرٍ وَجُوعٍ وَقَلَقٍ على المصير. وَقد ضاعَفْنا جُهُودَنا مِن أَجلِ اتِّخاذِ المُبادَراتِ اللازِمَةِ لِتَثبِيتِ وُجُودِنا وَتَفعِيلِهِ في أَرضِنا، وَالتَّخفيفِ مِن وَطْأَةِ هذه الظُّروفِ القاسِيَة، وَما زلْنا نَعمَلُ معَ الخَيِّرِينَ لِمُواجَهَةِ الحاجاتِ المَعيشيّةِ لِشَعبِنا، وَلِضَمانَةِ مُستَقبَلِ شَبيبَتِنا في العيشِ بِكَرامَةٍ وَسَلامٍ في أَوطانِهِم. وَفِي هذا الصَّدَدِ لَم نُوَفِّرْ مَحفِلاً دَولِيّاً إلاّ وَرَفَعْنا فيهِ الصَّوتَ مِنْ أجلِ العَمَلِ على إيقافِ الحَربِ المُدَمِّرَةِ على سوريا وَصَونِ وَحْدَةِ هذا الوَطَن. كَما حَمَلْنا هَمَّ لُبنانَ وَشَعبِهِ حَيثُما حَلَلْنا، رافِعِينَ الصَّوتَ عالِياً مِن أَجلِ انتِظامِ العَمَلِ الدُّستُورِيِّ وَالمُؤَسَّساتيِّ في هذا البَلَد، وَمِن أَجلِ نُمُوِّهِ وَرُقِيِّه.
4- وَقد جَعَلْنا، بِفِعلِ الظُّرُوفِ الصَّعبَةِ الّتي نَعيشُها، مِن إغاثَةِ المُحتاجِينَ أُولى أَوْلَوِيّاتِنا، وَما زِلْنا نُولِيها الأَهَمِّيَّةَ القُصوى في عَمَلِنا اليَومِيّ. إذْ نَعمَلُ على صعيدِ المُؤَسَّساتِ البَطْرِيَرْكِيَّةِ وفي الأَبرَشِيّاتِ على تَفعِيلِ خِدمةِ المَحَبَّةِ وَإيجادِ آلِيّاتٍ جديدةٍ وَأُطُرٍ مَرِنَةٍ تَدْعَمُ التَّعاضُدَ بَينَ أَبناءِ الجَسَدِ الواحِد، لِكَي لا يَبقى بَيننا مُحتاجٌ أو مَنْ يَشعُرُ بِأَنَّهُ مَقْصِيٌّ عَنِ القُلُوبِ في كَنيسةِ المسيح. وَنَشكُرُ اللهَ على الوَحْدَةِ الأنطاكيّةِ الّتي تَجَلَّتْ خِلالَ هذه المِحنَةِ القاسِيَة، حَيثُ قامَتِ الرَّعايا وَالأَبرَشِيّاتُ في سوريا وَلُبنان بِاحتِضانِ النّازِحِينَ وَالمُهَجَّرِينَ مِن بُيُوتِهِم، وَرَعَتْهُم بِمَحَبّةٍ وَخَفَّفَتْ مِن آلامِهِم، كَما قامَتْ أبرَشِيّاتُ الاِنتِشارِ بِتَجْيِيشِ كُلِّ طاقاتِها مِن أَجلِ خِدْمَةِ مَن وَفَدُوا إِلَيها وَدَعْمِ العَمَلِ الإِغاثيِّ الّذي تَقُومُ بِهِ الكَنيسةُ في الوَطَن.
5- وفي وَقتٍ تَحَوَّلَ فيه العالَمُ إلى قَريةٍ صغيرة، أَوْلَينا مَسألةَ الإعلامِ والتّواصُلِ حَيِّزاً كبيراً مِن عَمَلِنا، فَأَنْشَأْنا المَركزَ الأنطاكيَّ الأُرثُوذُكْسِيَّ لِلإعلام، وَإذاعَةَ صَوتِ النِّعمة، وَعَزَّزْنا حُضُورَنا على الإنترنت وَمَواقِعِ التَّواصُلِ الاِجتماعيّ، مِن أَجلِ نَقْلِ البُشْرى السّارّةِ الّتي تَبقى هَدَفَ كُلِّ إعلامٍ مسيحيّ. وقد تَضافَرَتْ جُهُودُ أبنائِنا مِنْ مُختَلِفِ أَنحاءِ الكُرسِيِّ الأنطاكِيِّ في مُواكَبَةِ عَمَلِنا هذا والعَمَلِ على إِنْجاحِهِ وَتَعْمِيمِ الفائدةِ مِنه. وَهُنا لا بُدَّ مِن أَنْ أُنَوِّهَ بِالقُدُراتِ الّتي تُتِيحُها لَنا وَسائِلُ التَّواصُلِ الحَديثةُ في عَمَلِنا البِشارِيّ. هذه الوَسائِلُ، مَتى استَخْدَمْناها حَسَناً وَبِما يُوافِق، تُصبِحُ أَداةً فاعِلَةً وَفَعّالَةً لِلبِشارةِ وَالشَّهادةِ لِفَرَحِ القِيامَةِ وَلِجَمالِ المسيحيّة. فَحَذارِ أَنْ نُحَوِّلَ هذه الوَسائلَ مَكاناً لِلتَّذَمُّرِ وَالاِنتِقادِ الهَدّامِ وَتَعميمِ النَّمِيمَةِ وَالاِفْتِراء.
6- وَقَد عَمِلْنا على تَقْوِيَةِ الوَحْدَةِ الأَنطاكيّةِ وَتَفعِيلِها، فَأَوْلَينا الشَّهادةَ الواحِدَةَ لِلمَسيحِ القائِمِ وَالمُنتَصِرِ على المَوتِ في المَدى الأنطاكيِّ وَسائِرِ المَشْرِق، حَيثُ أَرادَنا اللهُ أَنْ نَشْهَدَ لَهُ، أَهَمِّيَّةً كَبيرة. فَكَثَّفْنا لِقاءاتِنا وَعَمَلَنا المُشتَرَكَ مَعَ إخْوَتِنا في الكنائسِ المسيحيّةِ الأُخرى الّتي تَجمَعُنا مَعَها وَحْدَةُ الحَياةِ وَالمَصِير.
7- وَقَد كَثَّفْنا عَمَلَنا مَعَ إِخْوَتِنا المُسْلِمِين، شُرَكائِنا في الوَطَنِ والمَصِير، مِن أَجلِ نَشْرِ ثُقافَةِ السَّلامِ وَالتَّآخي والعَيشِ المُشترَكِ بَينَ النّاس، وَمِن أَجلِ الوُقُوفِ مَعاً في وَجْهِ كُلِّ مَنْ يُسِيءُ إلى الدِّينِ وَيُوَظِّفُهُ في إشعالِ الصِّراعاتِ وَالحُرُوب.
8- وَقَد سَعَينا لِتَرسِيخِ التَّعاوُنِ والتَّفاعُلِ مَعَ الكنائسِ الأُرثوذكسيَّةِ في العالَم، فَقُمْنا بِزِياراتٍ سَلامِيَّةٍ لِعَدَدٍ مِنَ البَطْرِيَرْكِيّات، وَقُمْنا بِزِيارَةِ حَجٍّ إلى الجَبَلِ المُقَدَّس (آثوس)، حيثُ طَلَبْنا صَلَواتِ آباءِ الجَبَلِ لِشَعْبِنا، وَوَضَعْنا آلامَهُ وَمَصِيرَهُ في عُهْدَةِ السيِّدَةِ العَذراءِ حامِيَةِ الجَبَلِ وَالشَّفيعَةِ الحارَّةِ لَدى المُخَلِّص. وقد شارَكَتْ وُفُودٌ مِن كَنِيسَتِنا في جَميعِ المُناسَباتِ وَاللقاءاتِ الأُرثُوذُكسِيّةِ المُشتَرَكَةِ مِنْ أَجلِ تَمتِينِ الوَحْدَةِ وَالشَّهادَةِ الأُرثوذكسِيّةِ في عالَمِ اليَوم. وقد خَصَّصْنا طاقاتٍ وَجُهُوداً كَبيرةً في سَبيلِ الإعدادِ لِلمَجمَعِ الأُرثُوذُكسِيِّ الكبيرِ الّذي يَنتَظِرُ العالَمُ الأرثوذكسيُّ انعِقادَهُ، إلاّ أنّنا أَحْجَمْنا عَنِ المُشارَكَةِ في المَجمَعِ الّذي عُقِدَ في كريت في صَيفِ العامِ 2016، لأَسبابٍ بَيَّنّاها لَكُم في حِينِه. وقد أَخَذَ تَعَدِّي البَطْرِيَرْكِيَّةِ المَقْدِسِيَّةِ على حُدُودِ البَطْرِيَرْكِيَّةِ الأنطاكيَّةِ في إمارةِ قَطَر حَيِّزاً كَبيراً مِنِ اهتِمامِنا وَجَهْدِنا، فَقُمْنا بِمُبادَراتٍ سَلامِيَّةٍ مُتَعَدِّدَةٍ لِكَي لا نَصِلَ إلى قَطْعِ الشَّرِكَةِ بَينَ الكُرْسِيَّينِ الرَّسُولِيَّين. ولكِنَّ مُحاوَلاتِنا جَميعَها اصطَدَمَتْ بِإصرارِ البَطْرِيَرْكِيَّةِ المَقْدِسِيَّةِ على الإمعانِ في التَّعَدِّي. ولَم تَنفَعِ اتِّصالاتُنا المُختَلِفَةُ معَ السُّلُطاتِ الدّينيّةِ والسّياسيّةِ المُختَصَّةِ في إيجادِ حَلٍّ لِهذا التَّعَدِّي.
9- وَقَد قُمْنا في السَّنَواتِ الماضِيَةِ بِتَجدِيدِ الجِسمِ الأُسْقُفِيِّ الأَنطاكيِّ وَرَفْدِهِ بِطاقاتٍ شابَّةٍ مُتَعَلِّمَةٍ وَمُخْتَبَرَةٍ رِعائِيّاً، بَعدَ أنْ تَقاعَدَ عَدَدٌ مِنْ مَطارِنَتِنا الشُّيُوخ، وَانتَقَلَ عَدَدٌ آخَرُ إلى الأخدارِ السَّماوِيّة. وَقَد عَبَّرَ اختِيارُ المَطارِنَةِ الجُدُدِ عَنِ الوَحْدَةِ الأنطاكِيّةِ بِأَجلى بَيان، إِذْ تَمَّ اختِيارُهُم لِرِعايةِ أبرَشِيّاتٍ غَيرِ تِلكَ الّتي نَشَأُوا فِيها. وَقَد راعى المَجمَعُ الأنطاكِيُّ في عَمَلِيَّةِ الاِختِيارِ هذهِ مُتَطَلِّباتِ الإنجيل، والقَوانينَ الكَنَسِيَّةَ وَالأنظِمَةَ الدّاخِلِيَّةَ لِلكُرسيِّ الأنطاكي، بِصَرْفِ النَّظَرِ عَن أيَّةِ اعتِباراتٍ سِياسِيَّةٍ أو قَومِيَّةٍ أو عِرْقِيَّة. وَيُفْرِحُنا أَنْ نُعْلِمَكُم بِأَنَّ هؤلاءِ الإخوةَ يَقُودُونَ العَمَلَ في أَبْرَشِيّاتِهِم الجديدةِ مِن أَجلِ إِضافَةِ مَدامِيكَ جديدةٍ على تَعَبِ أَسلافِهِم، وَأَنَّ الشّعبَ المؤمنَ يَلْتَفُّ حَولَهُم وَيَعْضُدُهُم في عَمَلِهِم.
10- وَقَد تَرافَقَ انتِخابُ هؤلاءِ الإخوةِ مَعَ تَنشِيطِ العَمَلِ المَجْمَعِيّ. فَنَحنُ كَنيسةٌ واحِدَةٌ وَلَسْنا اتِّحاداً بَينَ أبرَشِيّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ تَتَجاوَرُ وَلا تَلْتَقي. فَالمَجْمَعُ المُقَدَّسُ هُوَ مَكانُ لِقائِنا، وَالمِطرانُ يَنقُلُ إليهِ فِكْرَ الكَنِيسَةِ الّتي يَرْأَسُها، وَشَهادَةُ الأَبْرَشِيّاتِ مُجْتَمِعَةً تُشَكِّلُ فِكْرَ الكَنِيسَةِ الواحِدَةِ في أنطاكية. فالمطرانُ يُنتَخَبُ في المَجْمَع، وَيَعِيشُ في المَجْمَعِ حَيثُ يُراقِبُ ويُراقَب، وَيُحاكَمُ في المَجْمَعِ مَتى خالَفَ الإيمان. وهذا الفِكْرُ تَسَلَّمْناهُ مِنَ الرُّسُلِ الَّذِينَ أَوْصَوا بِأَنَّهُ «يَجِبُ على أَساقِفَةِ كُلِّ أُمَّةٍ أَنْ يَعرِفُوا الأَوَّلَ بَينَهُم، وَهُوَ يُرشِدُهُم كَرَأْسٍ لَهُم، فَلا يُقْدِمُوا على أَمْرٍ هامٍّ غَيرِ مُعتادٍ بِدُونِ رَأيِه، بَلْ فَلْيُدَبِّرْ كُلُّ واحِدٍ مِنهُم فقط الشُّؤُونَ العادِيّةَ في أُسْقُفِيَّتِهِ وَالبِقاعِ المُنْضَوِيَةِ تَحْتَها. وَلا يُقْدِمَنَّ الأَوَّلُ كذلك على شَيْءٍ بِدُونِ رَأْيِ الجَميع. وَهكذا يَتَحَقَّقُ الوِئامُ وَيَتَمَجَّدُ الله، بِواسِطَةِ السَّيِدِ في الرُّوحِ القُدُس، الآبِ وَالاِبنِ وَالرُّوحِ القُدُس» (القانون 34 الرّسوليّ).
11- وَالفِكْرُ الواحِدُ الّذي تَصُوغُهُ الكَنيسةُ مَجْمَعِيّاً، نُتَرْجِمُهُ جَميعُنا إكليروساً وَعِلْمانيِّين، كَما يُوصِينا الرَّسُول، مِن خِلالِ قَولِنا «قَولاً واحداً». أَيْ بِمَعنًى آخَر مِن خِلالِ تَجَذُّرِنا في الاِستِنارةِ الرُّوحِيَّةِ وَسَعْيِنا لاِقتِناءِ النِّعمةِ وَتَرجَمَتِها تَعليماً مُستَقِيماً وَأَفعالَ خِدمَةٍ وَمَحَبّةٍ أَخَوِيّة.
12- وَالفِكْرُ الواحِدُ نُتَرْجِمُهُ أيضاً مِن خِلالِ وَحْدَتِنا وَتَعاضُدِنا اللذَينِ يَسمَحانِ لَنا بِتَحقيقِ رَغبَةِ رَبِّنا الّذي أَرادَنا أَنْ نُحِبَّ بَعضُنا بَعضًا كما أَحَبَّ هُوَ الآب، وَيُشَكِّلانِ شَرطَينِ أَساسِيَّينِ لا غِنى عَنهُما البَتَّة، لِدَعْمِ وُجُودِنا وَالحَدِّ مِنْ هِجْرَةِ الطّاقاتِ الّتي تُواجِهُها بُلْدانُنا وَكَنيسَتُنا. وفي هذا الصَّدَدِ عَمِلْنا، وَما زِلْنا نَعمَلُ على تَوطِيدِ التَّعاوُنِ أيضاً مَعَ إخوَتِنا في بِلادِ الاِنتشار، رُسُلِ الفِكْرِ وَالتُّراثِ الأنطاكيّ إلى العالَمِ أَجْمَع، فَهؤلاءِ قد نَقَلُوا الْتِزامَهُم المسيحيَّ إلى البُلْدانِ الّتي وَفَدُوا إليها، وَبَنَوا كَنائِسَهُم بِالتَّزامُنِ مَعَ بِناءِ بُيُوتِهِم، وَما زالَ ارْتِباطُهُمُ الوَثِيقُ بِأَنطاكِيَةَ، كَنِيسَتِهِمِ الأُمّ، يُقَوِّينا وَيُشَدِّدُنا وَيُقَوِّيهِمْ وَيُشَدِّدُهُم أيضاً. وَما زِلْنا نَرى فِيهِم رَسُولِيَّةَ كَنِيسَةِ أَنطاكِيَةَ الّتي تَنفَتِحُ على العالَمِ وَتُبَشِّرُهُ، وَتَغتَنِي بِالطاقاتِ الّتي تَنْضَمُّ إليها مِن مُؤمِنِي الدُّوَلِ وَالقارّاتِ الّتي تَتَواجَدُ فِيها. فَلُغَةُ أنطاكِيَةَ الواحِدَةُ صارَتْ يُعَبَّرُ عَنها بِلُغاتِ العالَمِ الكَثيرة، وَسَتَبقى تَدعُو إلى التَّجَذُّرِ في التُّراثِ والتّقليدِ وَمَدِّهِ إلى العالَمِ اليَومَ بِانفِتاحٍ يُتَرجِمُ إخلاصَنا لِلسَّيِّدِ الّذي أَمَرَنا أَنْ نَنْقُلَ بِشارَتَهُ السّارّةَ وَسَلامَهُ إلى أَقاصي المَسكُونة.
13- وَالسَّعْيُ لِأَنْ يَكونَ لَنا فِكْرٌ واحِدٌ يَكُونُ مِن خِلالِ السَّعْيِ الدّائمِ إلى تَذْلِيلِ العَقَباتِ الّتي تَعتَرِضُ مَسِيرتَنا بِالشُّورى وَالتَّفاهُم، وَالاِحتِكامِ إلى رَأْيِ الجَماعةِ في بِناءِ التَّوافُقِ وَالوَحْدَةِ ضِمْنَ الاِختِلاف. فَالحَياةُ في الكَنيسةِ تَقُومُ على التَّشاوُرِ لا على التَّفاوُض. تَقُومُ على التَّكامُلِ لا على التَّناحُر. تَقُومُ على المُواجَهَةِ الصَّريحةِ لا على المُجابَهَةِ المُدَمِّرة. تَقُومُ على الغُفرانِ لا على تَسْمِيرِ الآخَرِ على أَخطاءٍ ارْتَكَبَها. تَقُومُ على المُكاشَفَةِ لا على مُحاكَمَةِ النَّوايا. تَقُومُ على التّضحِيَةِ وَالبَذْلِ لا على تَوزِيعِ المَكاسِبِ وَالمَنافِع.
14- ولذلكَ لا بُدَّ لَنا مِنِ الْتِزامِ هذه الرُّوحِيَّةِ في عَلاقاتِنا، لِتَقْوِيَةِ عُرى وَحْدَتِنا، هذه الوَحْدَةِ الّتي تَبْدَأُ بِالْتِفافِ كُلِّ رَعِيَّةٍ حَولَ راعِيها، وَالاِهتِمامِ مَعَهُ بِتَنْمِيَةِ الرَّعِيَّةِ بِكُلِّ قَضاياها بِشَفافِيَّةٍ كاملة. وَهذه الوَحْدَةِ الّتي تُعاشُ على صَعيدِ الأَبْرَشِيَّةِ حَيثُ يُساهِمُ المؤمنون مَعَ أُسْقُفِهِم وَبِرِئاسَتِهِ في بِناءِ قُدُراتِ الأَبْرَشِيّةِ الرُّوحِيَّةِ والمادِّيَّة، وَتَنْمِيَةِ الحَياةِ فِيها بِرُوحِ التَّعاوُنِ وَالمُشارَكة. وَهذه الوَحْدَةِ الّتي يُتَوِّجُها المَجْمَعُ الأَنطاكِيُّ المُقَدَّس بِعَمَلٍ مُشْتَرَك، لِفائِدَةِ الكَنِيسَةِ الأَنطاكِيَّةِ الواحِدَة، وَتَمْتِينِ وَحْدَتِها وَتَفْعِيلِ شَهادَتِها في عالَمِنا اليوم.
إنَّ ما سَبَقَ يُشَكِّلُ الرُّوحِيَّةَ الّتي صِيغَتْ على أَساسِها أَنظِمَتُنا الّتي أُقِرَّتْ في مَطْلِعِ السَّبْعِينِيّات، والّتي تَلْحَظُ تَألِيفَ مَجلِسٍ لِكُلِّ رَعِيّة، وَتَشكِيلِ مُؤتَمَرٍ في كُلِّ أَبْرَشِيّة، يَتَمَثَّلُ فِيها الكَهَنَةُ والرُّهبانُ والعِلْمانِيُّون، يَنْبَثِقُ عَنهُ مَجْلِسٌ مُنْتَخَبٌ لِلأَبْرَشِيّة. وَالّتي لَحَظَتْ أيضاً عَقْدَ مُؤتَمَرٍ عامٍّ لِطاقاتِ الكُرْسِيِّ الأَنطاكيّ، هذا المُؤتَمَرِ الّذي قُمْنا بِعَقْدِهِ في العام 2014.
لَقَد حالَتْ أَوضاعٌ كَثِيرَةٌ، هُنا وَهُناك، دُونَ تَألِيفِ الهَيئاتِ الّتي نَصَّ عَلَيها النِّظامُ الدّاخِلِيُّ لِلكُرْسِيّ بِشَكْلِها الكامِل، مِمّا قَلَّصَ مِنَ المُشارَكَةِ الفاعِلَةِ لأَبناءِ الكَنِيسَةِ في إدارةِ شُؤُونِ رَعاياهُم وَأَبْرَشِيّاتِهِم. ولَقَد دَفَعَ هذا الأَمرُ بِالكَثِيرِينَ إلى التَّشَكِّي مِن هذا الواقع، أَوِ التَّكَتُّلِ في هَيئاتٍ مُوازِيةٍ لِلتَّعبيرِ عَن رَأيِهِم. لِذلِكَ لا بُدَّ لَنا كَكَنِيسَةٍ مِنْ أَنْ نَتَجاوَزَ هذا الخِلافَ على القَوانِين، الّذي تَعْرِفُهُ كَنِيسَتُنا مُنذُ الخَمسِينِيّات، وَأَنْ نَنْصَرِفَ الآنَ إلى تَوطِيدِ وَحْدَتِنا وَتَوحِيدِ كَلِمَتِنا مِن خِلالِ إنشاءِ الهَيئاتِ الّتي تَنُصُّ علَيها أَنْظِمَتُنا، وَمِن خِلالِ وَضْعِ قَراراتِ المُؤتَمَرِ الأنطاكِيِّ الأَخِيرِ مَوضِعَ التّنفيذ. لَقَدَ مَرَّ على إقرارِ أَنْظِمَتِنا ما يُقارِبُ الخَمسِينَ سَنَةً، وَقَد أَصْبَحَتْ بِلا شَكٍّ بِحاجَةٍ إلى تَعدِيلٍ وَاسْتِكْمالٍ بِحَيثُ تُواكِبُ النّهضةَ الّتي نَرْنُو إليها جَميعُنا على صَعيدِ الكُرْسِيِّ الأنطاكيّ. وَلكِنَّ مِحَكَّ صِدْقِنا جَميعاً يَبقى في الْتِزامِنا الآنَ تَنفِيذَ الأَنْظِمَةِ المَعمُولِ بِها وَمُراكَمَةِ الخُبُراتِ الّتي تُفِيدُنا في أّيِّ تَعدِيلٍ نَقُومُ بِهِ في المستقبل، لأنَّ القَوانينَ إنّما تُوضَعُ لِتُخَلِّصَ الجَماعةَ مِنَ المِزاجِيَّةِ وَالفَرْدِيّة.
15- وَلَقَد تَرْجَمْنا الفِكْرَ الواحِدَ الّذي يَجْمَعُنا "قَولاً واحداً" في مُقارَبَتِنا لِلمَواقِفِ الإنسانِيّةِ الّتي طُرِحَتْ على ضَمِيرِ كَنِيسَتِنا في الوَطَنِ وَبِلادِ الاِنتِشار. وَقَد عَمِلْنا حَيثُما وُجِدْنا لِمَنْفَعَةِ الإنسان، كُلِّ إنسان، وَلِمَنفَعَةِ الإنسانِيَّةِ جَمْعاء. وَقَد حَرَصْنا على أَلاّ نَدْخُلَ في مُقارَباتٍ سِياسِيَّةٍ تَعتَمِدُ لُغَةَ أَبناءِ هذا الدَّهر، وَأَلاّ نُمْلِيَ على أبنائِنا مَواقِفَ سِياسِيَّةً مُحَدَّدة. بَلْ عَمِلْنا حَيثُما حَلَلْنا على تَوجِيهِ أبنائِنا لِتَعميدِ فِكْرِهِمُ السِّياسيّ وَالْتِزامِهِمُ الوَطَنِيِّ بِحَقِّ الإنجيلِ وَبِالمَحَبَّةِ المسيحيَّةِ الباذِلَةِ وَالمُنْقِذَةِ للجميع.
لَقَد سُقْتُ ما تَقَدَّمَ لِأَقُولَ لَكُمْ فَرَحِي بِما حَقَّقْناهُ مَعاً، وَرَغْبَتِي بِأَنْ تَتَضافَرَ جُهُودُنا في المُستَقبَلِ، وَبِمَحَبَّة، لِكَي يَكْتَمِلَ البُنيانُ وَيَصِلَ إلى مِلْءِ قامَةِ المسيح. وَإنِّي لَأَشْكُرُ اللهَ الّذي أَرْسَلَ لَنا رُعاةً يُحِبُّونَ كَنِيسَتَهُم وَيُعْلُونَ مَصْلَحَتَها وَوَحْدَتَها فَوقَ كُلِّ شَيء، وَمُؤمِنِينَ يَشْهَدُونَ لِفَرَحِ القِيامة، وَيَعْمَلُونَ لِتَجدِيدِ الكَنِيسَة، كُلٌّ وَفْقَ ما أُعْطِيَ مِنْ مَواهِبَ وَوَزَنات.
أيّها الأحبّاء،
أَعْرِفُ أَنَّ عالَمَ اليَومِ يَنتَظِرُ مِنّا "كَلِمَةَ حَياة"، وَأَنَّ الإنسانَ اليَومَ بِحاجَةٍ ماسَّةٍ إلى عِلاجٍ شافٍ لا تُعطِيهِ إلاّ شَهادَةُ الَّذِينَ قامُوا مِنَ المَوتِ مَعَ رَبِّهِم. هكذا فَعَلَ آباؤُنا مِن قَبْلِنا لَمّا نَقَلُوا تَقلِيدَنا الحَيَّ إلى لُغَةِ عَصْرِهِم، وَهكذا عَلَينا أَنْ نَفْعَلَ نحن اليَوم. لذلك:
1- تَعالَوا نَتَعَمَّقْ في عُلُومِ عَصْرِنا، لِنَنْقُلَ إليهِ الرِّسالةَ الأَبَدِيَّةَ بِلُغَةٍ جَدِيدةٍ تُحاكي مُتَطَلِّباتِه.
2- تَعالَوا نَعْمَلْ مَعاً لإعادةِ تَبشِيرِ أبنائِنا، وَلا سِيّما هؤلاءِ الَّذِينَ يَبتَعِدُونَ عَنِ الكَنِيسَةِ بِسَبَبِ الدَّهْرِيَّةِ الجارِفة.
3- تَعالَوا نَنْقُلْ إلى بَعضِ فِئاتِ شَبابِنا الَّذِينَ ما عادُوا يَتَزَوَّجُونَ في الكَنِيسَة، وبَعضُهُم ما عادَ يُعَمِّدُ أَولادَهُ، مَعنى سِرِّ الحُبِّ وَسِرِّ الجَماعة.
4- تَعالَوا نَدْخُلْ إلى عُمْقِ فِكْرِنا اللاهُوتِيِّ وَلُبِّه، غَيرَ مُتَوقِّفِينَ عِندَ مَظاهِرِ التَّقَوى وَقُشُورِها، فَنُرْشِدَ العالَمَ إلى إلهِنا الحَيِّ وَالمُحْيِي، إلهِ الحُرِّيَّةِ وَالمَحَبَّة، الّذي يُحِبُّنا حُبّاً عظيماً وَالّذي يُرِيدُنا أنْ نَصِيرَ آلِهَةً بِالتَّبَنّي.
5- تَعالَوا نُشارِكِ العَمَلَ الإلهِيَّ وَنُصَيِّرِ العالَمَ كَنيسَةً والأرضَ سَماء.
6- تَعالَوا نُفَعِّلْ حُضُورَ اللهِ حَيثُما وُجِدْنا وَفي أَيِّ عَمَلٍ نَقُومُ بِه، لِيَعرِفَ العالَمُ أَنَّنا تَلامِيذُ المُعَلِّم.
7- تَعالَوا نَمُدَّ المَذْبَحَ إلى خارجِ الكَنيسَة، حَيثُ الفَقِيرُ وَالمُشَرَّدُ وَالبائِسُ وَالحَزِينُ بِحاجَةٍ لِعِنايَتِنا وَمَحَبَّتِنا المُنَجِّيَةِ مِنَ المَوت.
8- تَعالَوا لا نَكْتَفِ بِإقامَةِ الصَّلَوات، بَلْ نَجْعَلْ مِن حُضُورِنا في التّاريخِ صَلاةً يَومِيَّةً تُنَجِّي العالَمَ وَالتّاريخ.
9- تَعالَوا نَبْتَعِدْ عَنْ أَسالِيبِ العالَم، وَلا نَجْعَلْها تَتَسَلَّلُ إلى حَياتِنا الكَنَسِيّة، فَلا نَخْلُقُ أَعداءً نُضْفِي عَلَيهِمْ قَلَقَنا، لِأَنَّ المسيحَ لا يَعرِفُ العَداوة، بَلْ قد أَوْصانا قائلاً: "أَحِبُّوا بَعضُكُم بَعضاً".
10- تَعالَوا نُنَقِّ قُلُوبَنا لِكَي تُصبِحَ تُرْبَةً خَصْبَةً تَنمُو فِيها كَلِمَةُ اللهِ وَتُثْمِرُ فَلا تَجِفُّ وَلا يَخْنُقُها الشَّوك.
11- تَعالَوا نَشْهَدْ لِقُرْبِنا مِنْ يَسُوعَ وَلِفَرَحِ الإنجيلِ يَمْلَأُ قُلُوبَنا وَيُغَيِّرُ حَياتَنا وَيُحَرِّرُنا مِنَ الحُزْنِ وَالهَمِّ وَالفَراغِ وَالعُزْلة.
12- تَعالَوا نَقُلْ جَمِيعُنا قَولاً واحِداً، وَنَنبُذِ الخِلافاتِ وَالتَّحَزُّباتِ الّتي تُفَرِّقُنا، بَلْ لِنَكُنْ مُكتَمِلِينَ بِفِكْرٍ واحدٍ وَرَأْيٍ واحد، وَمُتَّفِقِيْ الآراءِ فيما بَينَنا بِحَسَبِ المسيحِ يَسُوع، لِكَي نُمَجِّدَ اللهَ بِنَفْسٍ واحِدَةٍ وَفَمٍ واحد.
يا أَحِبّة،
أَنْتُمْ حَفَظَةُ الإيمانِ الّذي تَسَلَّمْتُمُوهُ مِنْ آبائِكُمْ وَأَجْدادِكُم، وَالّذِي دُفِعَ إلَينا مِنَ القِدِّيسِين. أَنْتُمْ مَسؤُولُونَ عَنِ الشَّهادةِ لِلمَسيحِ القائمِ مِنَ المَوتِ أينَما وُجِدْتُم. اِعْمَلُوا لِأَنْ يَكُونَ المَسيحُ في وَسَطِ الكَنيسةِ دائماً. اِسْتَدْعُوهُ إلى سَفِينَةِ الكَنِيسَةِ بِالصَّلاةِ مَتى شَعَرْتُمْ أَنَّكُمْ في وَسَطِ العاصِفة. ثِقُوا بِأَنَّهُ يَتَحَنَّنُ علَينا دائماً كَما تَحَنَّنَ على الجُمُوعِ في القَفْر. تَأَكَّدُوا أَنَّهُ يَشْعُرُ بِنا، بِوَجَعِنا وَبِجُوعِنا وَبِعَطَشِنا وَبِحُزْنِنا. بِأَنَّهُ لا يُهْمِلُنا حتّى متى كُنّا في القَفْر، بَعِيدِينَ عَنه. كُونُوا إلَيهِ يا أَحِبَّة، فَيَكُونَ هُوَ مَعَكُمْ وَيَكُونَ فِكْرُكُمْ واحِداً وَتَكُونَ لُغَتُكُمْ واحدةً يَفْهَمُها الجميع.
أَحِبُّوا كَثِيراً وَتَنَبَّهُوا إلى أَنَّ مَسؤُولِيَّتَنا كَرُعاةٍ وَمَسؤولِيَّتَكُمْ كَمُؤمِنِينَ أَنْ يَبقى المَسِيحُ وَحْدَهُ سَيِّداً على كَنيسَتِه، لِكَي «لا يُبْطَلَ صَلِيبُ المسيح».
هذا، وَبَرَكَةُ الرَّبِّ فَلْتَشْمُلْكُم جميعاً.
________________________________________
صَدَرَ عَن مَقامِنا البَطْرِيَرْكِيّ في دمشق
عيد رقاد السيدة للعام ألفين وسبعة عشر
يوحنا العاشر
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق
الرِّسَالةُ الرِّعَائِيَّةُ الثَّانِيَة
2024-10-06
القداس الإلهي في كنيسة الصليب…
2024-10-08
بيان صادر عن المجمع الأنطاكي…
2024-10-10
نداء الأرثوذكس في لبنان "دعوا…
2024-10-16
كلمة البطريرك يوحنا العاشر في…
2024-10-31
شبكة الفصح للسنة الميلاديّة ٢٠٢٥