القدّيس البار إيسيذوروس الفرمي



02-04

الإسم:
إيسيذوروس Ισιδωρος يعني هدية إيزيس "Gift of Isis". فهو اسم مؤلّف من كلمتين: ISIS وتعني العرش "The Throne" وδωρον تعني هديّة.

في الأساس إيزيس هي الإله المصريّة المشهورة، إلهة الطبيعة والحكمة وصديقة الأطفال والحامية بعد الموت، والتي عبدها اليونانيّون والرومان.

- المسيحيّة لوهتت كلّ خير وأعادت مصدره إلى الله الخالق. فمن هو الجالس على العرش السماويّ غير الله خالق السماء والأرض؟.

Q2 تجسّد الله وصيرورته إنسانًا هي أجمل هديّة يمكن أن يحصل عليها البشر. فهل يوجد هديّة أو عطيّة أجمل من إتّحاد الطبيعة الإلهيّة بالطبيعة البشريّة؟ 

بتجسد الله غدونا في حضن الإله الجالس على العرش.

سيرته:


ولد القدّيس إيسيذوروس الفرمي في مدينة الإسكندريّة، فيما يبدو، قرابة العام ٣٦٠م.


iissهو نسيب البطريرك ثيوفيلوس وابن أخت القدّيس كيرللس الإسكندري. تلقّى تعليمًا ممتازًا في الإلهيّات والفلسفة، وذاع صيته لتقواه ومعرفته العميقة للكتاب المقدّس، نصًا وتفسيرًا. وصلنا منه عدد كبير من الرسائل يزيد على الألفين يُستفاد منها.

إنّّه خير الحياة الرهبانيّة، وكان مشهورًا في الأوساط النسكيّة. بعض المعلومات تفيد أن أهل البلاد والأساقفة عزموا على تقدمته بطريركًا للكرسي المرقسي في الإسكندريّة، فهرب ليلاً إلى جبل الفرما وترّهب في دير هناك، ثم انتقل إلى مغارة صغيرة أقام فيها ناسكًا بضع سنوات.

كذلك قيل أنه ارتدى ثوبًا من الشعر الخشن، واكتفى بالأعشاب قوتًا. عُرف بالأنبا إيسيذوروس، وأورد قوم أنّه صار رئيسًا للرهبان في ناحيته. غير أن آخر الاستطلاعات بشأنه تميل إلى القول بأنّه كان راهبًا وحسب، ولم يرئس ديرًا ولا ترأّس على جماعة.

القدّيس ومثاله:

دعاه القدامى "كاهنًا صحيح الإيمان، ممتلئًا حكمة إلهية ومعرفة كتابيّة". واعتبره آخرون "هيكلاً للمسيح وأناء لخدمة الكنائس وخزانة للكتاب المقدّس".

قيل عن القدّيس إيسيذوروس أنّه اتخذ القدّيس يوحنا الذهبي نموذجًا له. بعض الكتبة ذهب إلى حد القول أنّه كان تلميذًا له.

ليس في رسائل قدّيسنا ما يؤكّد ذلك، لكن الثابت أنّه كان يكن للذهبي الفم تقديرًا كبيرًا كأسقف وواعظ. هذا واضح في رسائله ذات الأرقام ١و ١٥٢و ١٥٦.

عن رسائله قال القدّيس فوتيوس القسطنطيني الكبير أنّه والقدّيسين باسيليوس الكبير وغريغوريوس اللاهوتي أبرز من كتب الرسائل في المسيحية. وهو يعتبر القدّيس إيسيذوروس نموذجًا للحياة الكهنوتية والنسكية وحسب، بل لإسلوبه وصناعة الكتابة. 

هذا ويتبين من رسائل القدّيس إيسيذوروس أنّه كان صاحب شخصيّة فذة.

 

القدّيس والكتاب المقدّس والآباء:

مصدر رسائله الأوّل الكتاب المقدّس، لكنّه عرف الكتبة المسيحيين الأوائل أيضًا. بعض المقاطع من رسائله مأخوذ كلمة فكلمة عن القدّيس اقليمس الإسكندري.

ثقافته العامة واسعة، "وهو يعتبر أن لكلّ أصناف العلوم قيمة عظيمة إذا كانت تمجّد الحقيقة الإلهيّة. فعلى المسيحي في نظره أن يكون كالنحلة يستخرج الغذاء حتى من كتابات الفلاسفة الوثنيين (رسالتاه ٢و٣)".

ديموستينوس وأفلاطون وأرسطو وهوميروس هم المفضّلون لديه بين الفلاسفة. استشهاده ببعضهم كديموستينوس كثيف. بالإضافة إلى علم القدّيس إيسيذوروس الكبير يظهر، لدى الرجل من خلال رسائله، اهتمام واضح بمسائل تمت إلى العالم وإلى الكنيسة، إلى خدام الكنيسة وعامة المؤمنين، إلى الحكومة المدنيّة والسلطة الكنسيّة، إلى المسائل الأخلاقيّة والعقيدة.

في كلّ هذه الميادين كان القدّيس إيسيذوروس رجل الجرأة والضمير والمحبّة. كان لا يتورّع عن توجيه اللوم إلى كبار المسؤولين، حتى للأمبراطور نفسه وكذلك للأساقفة والبطاركة محذّرًا ومرشدًا وناصحًا.

 

رسائل القدّيس:

تغطّي رسائل القدّيس مرحلة تمّتد أربعين سنة من عمره، من السنة ٤٣٣م. لا نعرف عدد رسائله أصلاً وإن كان عدد ما وصلنا منها ألفين واثنتي عشرة. بعض القدامى تحدّث عن ثلاثة آلاف. ميزة رسائله، بعامة، أنّها مقتضبة، ذات أسلوب سلس، أنيقة ممتعة، ممتلئة نارًا إلهية، تنفذ إلى العقل والقلب بيسر. أكثر رسائله يعالج موضوعات كتابية.يتبع القدّيس في ذلك أسلوب المدرسة الأنطاكيّة. إلى ذلك، بين رسائله، عدد من المباحث النسكيّة والأخلاقيّة.

ملكوت السماوات عنده قائم على أساس الفقر الطوعيّ والإمساك، شرط أن تكون الطاعة للوصايا كاملة، وأن تكون الفضائل موضع ممارسة.

" النسك لا يكفي. الروح هو الأساس." لذا قال: "لست ناسكاً كاملاً إذا كان لك طعام وشراب وسرير القدّيس يوحنا المعمدان. لتصل إلى الكمال يجب أن تكون لك روحه".

Q2

العذرية بهدف الرهبنة من دون محبّة القريب، ومن دون تواضع. لا قيمة لها. هذه هي المبادء التي لا يكف القدّيس إيسيذورس عن التذكير بها، لا سيما الرهبان والكهنة والأساقفة الذين ليسوا في مستوى ما دعوا إليه.

 

وجّه قدّيسنا ثمانية من رسائله ( الباقية لدينا) إلى القدّيس كيرللس الإسكندري.
في بعضها يدعوه إلى التمسّك بالإيمان القويم إلى آخر نقطة. وفي بعضها يأخذ عليه تصرّفه في مجمع أفسس. في إحداها قال:"بعض الذين اجتمعوا في أفسس يلومونك لتركيزك على عداوتك الشخصيّة، لا كمن يحمل في قلبه قضيّة الرّب يسوع المسيح"( الرسالة ٣١٠).

وعندما بلغه احتدام الموقف بين القدّيس كيرللس والبطريرك يوحنا الأنطاكي، إثر مجمع أفسس، بعث إليه برسالة دعاه فيها إلى التنازل والتفاهم والتعاون مع البطريرك الأنطاكي. مما قاله:"كأب لك، طالما أحببت أن تدعوني كذلك، أو بالأحرى كابن لك، التمس منك أن تضع حدًا لهذا الخلاف حتى لا تخلق انشقاقًا أبديًّا بحجّة التقوى"(الرسالة ٣٧٠).

 

رقاده:

رقد القدّيس إيسيذوروس في الرّب في العام ٤٣٥،م وقيل في العام ٤٤٩م.