الرسالة الرعائيّة الميلاديّة ٢٠١٩
برحمة الله تعالى
يوحنا العاشر
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق
إلى
إخوتي رعاة الكنيسة الأنطاكية المقدسة
وأبنائي وبناتي حيثما حلوا في أرجاء هذا الكرسي الرسولي
لتفرح اليوم السماء والأرض فرحاً نبوياً. ولنعيد أيها الملائكة والبشر تعييداً روحياً، لأن الإله قد ظهر بالجسد للجالسين في الظلمة والظلال... أما نحن فإننا بشفاه غير مستحقة نقدم له التسبيح الملائكي هاتفين: المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، لأن رجاء الأمم قد جاء، فخلصنا من عبودية العدو (1)"
في عيد الميلاد المجيد تتأمل الكنيسة ذاك الطفل الوديع يسوع المسيح الذي زار ويزور دنيا قلبنا بقدر ما نفتح له مذود النفس. في العيد الحاضر يدعونا ناظم التسابيح أن نكون جوقاً واحداً مع الملائكة. يدعونا أن نعيّد بالروح "لأن الإله ظهر بالجسد للجالسين في الظلمة والظلال". اليوم المسيح، له المجد، يدنو من كل من هو في الظلال وفي الظلمة ليقول له: لأجلك يا أحبَّ خلائقي، وافيتُ طفلاً بالجسد أنا الإله الأزلي الكائن قبل الدهور. أنا لست خجلاً منك ولا بضعفاتك لا بل إني موافٍ، لفيض محبتي لك، لكي أريح قلبك وأنتزع ضيقك وأضعه على كاهلي. اليوم الرب يوافي ليزيح عن القلوب والنفوس هموم الدنيا ويرميها في عتمة المغارة.
في زمن يسوع المسيح انتظر الناس من الفادي أن يأتيهم ملكاً جباراً عاتياً ليقلب عروش المقتدرين ويمسح الظلم من البسيطة بأسرها.
انتظروه بجبروتٍ أرضي آتياً بمجدٍ ظاهرٍ.
انتظروه مخلصاً ينتقي شعباً فألفوه مخلصاً للبشرية يمد لها كلها جوانح الرحمة. انتظروه في بلاطٍ ملكي فأتاهم في مغارةٍ. انتظروه ببهاء العرش فباغتهم بضعة المذود .
انتظروه ملكاً باطشاً فوافاهم طفلاً وديعاً. انتظروه آتياً على سحاب السماء ليقيم مُلكاً أرضياً فعاجلهم على قش المذود ليقيم ملكوته في النفوس العطشى لروحه.
انتظروه محاطاً بحرسٍ أرضي فغافلهم بجندٍ سماوي. أرادوه محاطاً بهيبةٍ وقتيةٍ وببأسٍ وفتوّةٍ فاستباهم محاطاً بوداعة مريم وبترنّح يوسف وببسمة طفلٍ. وبميلاده يجمع الطفل الإلهي السماويين بالأرضيين ليعلنوا مجده في الأعالي سلاماً حقاً على الأرض ومسرةً في قلوب الناس أجمعين.
نوقد شموعنا في هذه الأيام أمام مذود المحبة التي زارت دنيانا ونرنو إلى الطفل الإلهي الذي أحبنا جميعاً ووافانا عزاءً وطمأنينة وسط عاصف حياتنا. نرنو إليه مصلين من أجل سلام العالم و"حسن ثبات كنائس الله المقدسة". نرنو إليه مصلين من أجل خير واستقرار هذا الشرق.
نصلي اليوم من أجل عودة كل المخطوفين. صلاتنا من أجل أخوينا المطرانين يوحنا إبراهيم وبولس يازجي مطراني حلب المخطوفين منذ ما يقارب السبعة أعوام. نسأل الطفل المولود أن يضيء ليل غربتهما وينير أذهان أحبتهم ويستجيب طلبتنا في أن نراهما بيننا رغم كل هذا التعتيم الإعلامي والعالمي عن قضيتهما والتي تبقى بحق نذراً يسيراً مما تعرض ويتعرض له أهلنا وناسنا ومن كل طيف ودين من امتهانٍ للكرامة الإنسانية في سوق المصالح العالمية.
صلاتنا من أجل هذا الشرق بكل بلدانه ومن أجل فلسطين الجريحة التي تبقى قضيتها مع كل الأراضي المحتلة ندبة الباطل في جبين الحق الذي لا يعلو عليه زمنٌ أو سلطةٌ أو تآمرٌ أو اعترافٌ.
بسلام الميلاد نتوجه إليكم يا أبناءنا الأنطاكيين في الوطن وفي الانتشار الأنطاكي في كل العالم. بارككم الله جميعاً وبارك أطفالكم وأخصّاءكم. وصلاتنا إلى الرب القدير من أجل من إخوتنا وأحبّتنا الذين سبقونا على رجاء القيامة والحياة الأبدية ودعاؤنا من أجل سلام العالم ومعونته.
رجاؤنا في العيد الحاضر أن يجعل الإنسان من قلبه مغارةً يستقبل فيها ملك المجد ومن نفسه مذوداً يستريح فيه المسيح ليقدس الكيان. وصلاتنا إلى العذراء مريم أن يجلوَ العيدُ الحاضر غيضاً من فيض هدوء وسلام رب السلام له المجد والرفعة إلى الأبد، آمين.
(1) من قطع ليتين عيد الميلاد.
صدر عن مقامنا البطريركي بدمشق
بتاريخ العشرين من كانون الأول للعام 2019.
2024-10-06
القداس الإلهي في كنيسة الصليب…
2024-10-08
بيان صادر عن المجمع الأنطاكي…
2024-10-10
نداء الأرثوذكس في لبنان "دعوا…
2024-10-16
كلمة البطريرك يوحنا العاشر في…
2024-10-31
شبكة الفصح للسنة الميلاديّة ٢٠٢٥