كلمة صاحب القداسة كيريل الأول بطريرك موسكو وسائر…



كلمة صاحب القداسة كيريل الأول بطريرك موسكو وسائر روسيا بعد القداس الإلهي في ساوباولو.

صاحب السيادة المتروبوليت دمسكينوس (منصور) الجزيل الاحترام
أصحاب السيادة
أصحاب السعادة
أيّها الأخوة والأخوات
أشكر من كل القلب صاحب السيادة المتروبوليت دمسكينوس (منصور) على كلماته الطيّبة التي عبّرت عن كلّ شيء، بحيث يصعب عليّ أن أضيف إليها شيئاً. تكلّم على مكانة الكنيسة الأنطاكيّة عبر التاريخ، ودورها هنا في البرازيل. كما تحدّث عن الصعوبات والعوائق التي واجهها مؤمنو هذه الجالية عند وصولهم إلى هذا البلد والبدء بتأسيس حياتهم 66 الجديدة فيه. واليوم المتروبوليت دمسكينوس (منصور) هو راعي الكنيسة الأرثوذكسيّة الأكبر في البرازيل، التي بَنَت هذه الكاتدرائيّة الرائعة التي قدّموها لنا لنقيم فيها القدّاس الإلهيّ معاً.

اليوم، في هذه الكاتدرائية، نشعر تماماً بالألم الذي يعيشه مؤمنو هذه الكنيسة الآن بسبب الأوضاع الراهنة في بلادهم الأمّ. بالأمس، في ريو دي جنيرو كما اليوم أيضاً نصلّي لكلّ المتألّمين والأبرياء في الشرق الذين هم ضحايا الاضطهاد، ولأولئك الذي يواجهون الموت بسبب إيمانهم.

أودّ أن أشكركم يا صاحب السيادة، أوّلاً بسبب صلواتكم التي تقيمونها لأخوتنا الذين يعانون الآن في سوريا ولبنان والعراق، كما من أجل المحبّة والعناية الطيّبة والضيافة الكريمة التي قابلتمونا بها. كنيستانا هما مثال حيّ لتجسيد المحبّة الأخويّة الحقيقيّة المملوءة بالسلام. وأودّ من هنا، من هذه الكاتدرائيّة العظيمة، أن أوجّه شكري وامتناني لصاحب الغبطة البطريرك يوحنّا العاشر الذي يعمل بأمانة في بلاده التي تُعاني من أهوال الحرب.

اليوم معاناة شعب الشرق المضُطَهَد، وبخاصّة أهل سوريا، تحتلّ المركز الأوّل في اهتمامات كلّ المجتمع الدوليّ. هذا كان واضحاً في البيان المشترك الذي وقّعناه مع قداسة البابا فرنسيس في كوبا الذي تصدّره موضوع المسيحيّين المضطَهَدين ومعاناتهم. هذا البيان يشكّل قاعدةً لعمل مشتركٍ ليس فقط لأجل المسيحيّين، ولكن من أجل مشاريع أخرى تسعى لإقامة عالمٍ سلاميّ يتعلّم من خلاله الناس ذوو المعتقدات المختلفة حقيقة العيش المشترك. السلام المنشود، لا يُدرك بالقوّة ولا بالعنف والأعمال العسكريّة، السلام دائماً مشروطٌ بالعدل والمساواة. السلام المحقَّق بالقوّة العسكريّة لديه غايات أخرى خفيّة. كلّ طريقٍ لسلامٍ من خلال العنف والتدخّل الذي يدمّر البلد ليس هو سلامنا المنشود.

لكن هناك استثناءان. الأوّل عندما يحارب الشعب من أجل سلام وأمن بلاده، والثاني عندما يحارب أشخاص شرفاء في مواجهة ودحض الإرهاب. لهذا وجّهنا نحن وقداسة البابا فرنسيس، نداءً لكلّ المتورطّين في الحرب في سوريا، وفي الشرق الأوسط بشكل عام، لتجاوز كلّ خلاف وتبنّي تحالف مشترَك في وجه الإرهاب بكلّ أشكاله.

إنَّ روسيا والكنيسة الروسيّة تحملان في قلبهما معاناة الشعب السوريّ. واليوم يُبذل كلّ ما بالوسع لإرساء السلام في سوريا وإرسال مساعدات إنسانيّة لكلّ متألّم ومحتاج، ساعين لإحلال السلام المبتغى في الشرق الأوسط.

اليوم سأغادر البرازيل وأميركا اللاتينية، وهذه هي فرصتي الأخرى لأوجّه بعض الكلمات إلى الشعب البرازيليّ والمتحدّرين من أصل عربيّ: أشكركم جزيل الشكر لمحبّتكم وضيافتكم الكريمة لي في هذه الأرض، وربما أساس هذه الضيافة الكريمة هو المحبّة المسيحيّة التي هي الأقوى في العالم والطريق الأسلم لإحقاق العدل والمساواة.

فليبارك الرب أرض البرازيل وكلّ أمريكا اللاتينيّة وكنائسها وشعبها. وليعطنا الرب القوّة لنؤسس حياةً جديدة بعيدة عن الحرب والصراع، خالية من العنف والكذب، دون أن يحاول أحدهم السيطرة على الآخر.

فليبارك الربّ أولادكم وعائلاتكم، ونعمة الربّ فلتكن معكم إلى الأبد.