القدّاس الالهيّ في سان باولو

استقبلت أبرشيّة ساو باولو وسائر البرازيل، بحفاوةٍ أنطاكيّة معهودة، صاحب القداسة كيريل الأوّل، بطريرك موسكو وسائر روسيا والوفد المرافق له، في قدّاسٍ إلهيّ مهيب أقيم في كاتدرائيّة القدّيس بولس الرسول في ساو باولو، يوم الأحد الواقع فيه الواحد والعشرين من شهر شباط الجاري.

وفي تفاصيل الزيارة، وختاماً لزيارته التاريخيّة إلى أميركا اللاتينيّة، والتي افتتحها بلقاء فريد جمعه بقداسة البابا فرنسيس، زار صاحب القداسة كيريل الأوّل مدينة ساو باولو يوم السبت الواقع فيه العشرين من شهر شباط. استقبله في المطار صاحب السّيادة المتروبوليت دمسكينوس (منصور)، متروبوليت ساو باولو وسائر البرازيل، ممثّلاً صاحب الغبطة يوحنّا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق. من ثمّ، توجّه صاحب القداسة إلى الفندق حيث كان له لقاء قصير مع المطارنة الأنطاكيّين الذين شكروه على زيارته التاريخيّة وعلى المساعي التي تبذلها الكنيسة الروسيّة من أجل تحقيق رسالتها الكنسيّة السلاميّة في العالم.

في اليوم التالي، احتفل صاحب القداسة البطريرك كيريل، بالقدّاس الإلهيّ مع الوفد المرافق له، والذي يتألف من عشرة مطارنة، ولفيف من الكهنة والشمامسة، بالإضافة إلى جوق المرتّلين بأصواتهم الملائكيّة، بحسب النغم السلافيّ. كما شارك في القدّاس الإلهيّ، كلّ من صاحبَي السيادة المتروبوليت أنطونيوس (شدراوي) متروبوليت المكسيك، وصاحب السيادة المتروبوليت سلوان (موسي) متروبوليت الأرجنتين، ولفيف من كهنة الأبرشيّة.

تميّز الحضور بعددٍ من الشخصيّات الرسميّة البرازيليّة رفيعة المستوى، ذات الأصول السورية-اللبنانية، وعددٍ من الشخصيّات السياسيّة، في مقدّمتهم حاكم مدينة ساو باولو، السيّد فرناندو حدّاد ذو الأصول الأنطاكيّة الأرثوذكسيّة، وممثّلين عن وزارة الخارجيّة البرازيليّة وسفراء كلّ من روسيا ولبنان والقناصل العامّين لكلّ من روسيا وسوريا ولبنان والبارغواي. كما شاركت شخصيّات دينيّة مسيحيّة من مطارنة ورهبان، والكاردينال أديلّو شيرر رئيس أساقفة ساو باولو، وشخصيّات إسلاميّة مثّلت الطوائف السنيّة والشيعيّة والدرزيّة، بالإضافة إلى الحشد الغفير من المؤمنين الذين غصّت بهم الكنيسة، من الجاليات السوريّة واللبنانيّة والروسيّة، الذين أتوا لاستقبال قداسته حاملين الرايات والأعلام الأنطاكيّة.

وفي ختام القدّاس الإلهيّ، ألقى صاحب السيادة المتروبوليت دمسكينوس كلمةً جاء فيها:
"اليوم يا صاحب القداسة، إضافة إلى عيد القدّيس إفستاثيوس الأنطاكيّ، ومَثَل الفريسيّ والعشّار الوارد في إنجيل اليوم، فإنّ كنيسة أنطاكية في البرازيل، تعيّد عيداً آخرَ مميَّزاً وتاريخيّاً باستقبالها قداسة بطريرك موسكو وكلّ روسيا، كيريل الأوّل وللمرّة الأولى، آملين ألا تكون الأخيرة.

كما يسعدني اليوم، أن أحظى بشرف استقبالكم، والاخوة السادة المطارنة من الكنيستين الروسيّة والأنطاكيّة في هذه الكاتدرائية، وأن أرحّب بقداستكم وأنقل إليكم ترحيب ومحبّة صاحب الغبطة البطريرك يوحنّا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، ومعه أعضاء مجمعنا المقدّس وكلّ أبناء الأبرشيّة من الاكليريكيّين والعلمانيّين في البرازيل، مردّدين بصوت واحد وقلب واحد: "مبارك الآتي باسم الربّ". أهلاً وسهلاً بكم وبوفدكم الكريم في ساو باولو، أهلاً وسهلاً بكم في البرازيل، أهلاً وسهلاً بكم في أنطاكية الأرثوذكسيّة في ربوع أميركا اللاتينية ...

لنا ملء الأمل بمعونة الله، وجهود قداستكم السلاميّة، أن نعيد الفرح والسلام والأمل إلى مؤمني مدينة حلب وكلّ أبناء الكنيسة الأنطاكيّة وذلك بالسعي لكشف ومعرفة مصير أبنائنا المخطوفين منذ أكثر من ألف يوم بدون أيّ خبر. نخصّ بالذكر، أخَوَينا في رئاسة الكهنوت مطرانيّ حلب بولس ويوحنّا. إن تغييبهما القسريّ قد زعزع نفوس كثيرين واضطّرهم إلى الهجرة من الوطن الأمّ، وهذا ما لا نتمناه ...

أطلب، بعد تقديم الشكر لله ولقداستكم، والشكر لمجمعكم المقدّس، ولكلّ الشعب الروسيّ المؤمن، أن تستمروا في العطاء والصلاة من أجل أهلنا في سوريا. ومن أجل أن يعطيهم الربّ الثبات والشّجاعة في جهادهم وإيمانهم، وأن تتقوّى الوحدة الروحيّة بين كنيسَتَينا الأنطاكيّة والروسيّة، في محبّة يسوع مكمَّلة ببركة قداستكم التي منحتموها اليوم لأبناء أبرشيّتنا الأنطاكيّة في ساو باولو"

في نهاية كلمته قدَّم المتروبوليت دمسكينوس للبطريرك أيقونة رسَمَتها يدٌ أنطاكيّة تُظهِر الرسولَين بطرس وبولس، مؤسّسَي الكرسيّ الأنطاكيّ، يحملان كاتدرائيّة القدّيس بولس في ساو باولو ويعلوها السيّد المسيح مبارِكاً.

بعدها، ألقى قداسته، كلمةً عبّر من خلالها عن قلقه بخصوص الشعب السوريّ وكلّ ما يحصل من صراعات في منطقة الشرق الأوسط حيث قال:
"اليوم في هذه الكاتدرائيّة، نشعر تماماً بالألم الذي يعيشه مؤمنو هذه الكنيسة بسبب الأوضاع الراهنة في بلادهم الأمّ. بالأمس في ريو دي جنيرو، كما اليوم أيضاً نصلّي لكلّ المتألّمين والأبرياء في الشرق ضحايا الاضطهاد، وللذين يواجهون الموت بسبب إيمانهم".

وعرّج في كلمته على اللقاء الذي جمعه بالبابا فرنسيس والبيان المشتَرَك الذي وقّعاه سويّةً فأكّد بأنّه "لا بد من تجاوز كل الاختلافات وتنظيم تحالف مشتَرَك يقف في وجه الإرهاب في كلّ أشكاله". كما أضاف بأن البيان المشتَرَك يدور حول المضطهَدين الذين هم في ضيق، ويشكّل قاعدةً لعمل مشترك ليس فقط لأجل المسيحيّين، ولكن من أجل مشاريع أخرى تسعى لإقامة عالمٍ سلاميّ يتعلّم من خلاله الناس ذوو المعتقدات المختلفة حقيقة العيش المشترك. السلام المنشود لا يُدرك بالقوّة ولا بالعنف والأعمال العسكريّة. السلام دائماً مشروطٌ بالعدل والمساواة".

وقد عبّر قداسته عن شكره وامتنانه، لصاحب الغبطة البطريرك يوحنّا العاشر الذي يعمل بأمانة في بلاده التي تُعاني من أهوال الحرب". شاكراً، صاحب السيادة المتروبوليت دمسكينوس (منصور) على ضيافته، ومؤكّداً على الدور البارز والقويّ للكنيسة الأرثوذكسيّة الأنطاكيّة في البرازيل وأميركا اللاتينيّة مشدداً بأنه: "هو راعي الكنيسة الأرثوذكسيّة الأكبر في البرازيل". وقد قدم لسيادته أيقونة وصليب (طقم أنغولبيون) وأيقونة للسيّدة العذراء لتبقى في الكنيسة ويتبارك منها المؤمنين.

تلا القدّاس الإلهيّ مباشرةً، لقاء خاص في دار المطرانيّة جمع قداسة البطريرك كيريل بعدد من الشخصيّات الدينيّة والمدنيّة والدبلوماسيّة كحاكم ولاية ساو باولو السيد جيرالدو ألكمين، السيد فرناندو حداد حاكم المدينة، الكاردنال أوديلّو شيرر وممثّلين عن وزارة الخارجيّة البرازيليّة والسفير الروسيّ في البرازيل وسفير لبنان في البرازيل السيّد جوزيف صيّاح بالإضافة إلى وفد المطارنة الأنطاكيّين. رحّب حاكم ولاية ساو باولو بقداسته وشكره على زيارته التاريخيّة للبرازيل. أما البطريرك فأكّد على الدور الذي يجب أن تلعبه البرازيل من أجل إحلال السلام في العالم.

وقد أولم صاحب السيادة المتروبوليت دمسكينوس على شرف قداسته في النادي السوريّ في ساو باولو. فجمع، بالإضافة إلى صاحب القداسة والوفد المرافق له، عدداً من الشخصيّات المدنيّة والدبلوماسيّة وبعض أعضاء المجلس الملّي للأبرشيّة.

خلال المأدبة، ألقى صاحب السيادة المتروبوليت أنطونيوس كلمة، أهمّ ما جاء فيها: "صاحب القداسة، اسمحوا لي أوّلاً باسم صاحب الغبطة البطريرك يوحنّا العاشر وباسم أخوتي المطارنة، دمسكينوس متروبوليت البرازيل وسلوان متروبوليت الأرجنتين، أن أرحّب بكم وبكلّ فرد من أفراد وفدكم المرافق في هذه المأدبة التي أعدَّت على شرفكم لنتقاسم وإيّاكم الخبز الأرضيّ بعدما تناولنا معاً الغذاء الروحيّ، معبّرين عن المحبّة والأخوّة المسيحيّتَين اللتين تجمعاننا كعائلة واحدة. إنّكم وكنيستكم وشعبكم فخر للأرثوذكسيّة التي تحفظونها وتصونونها بكل أمانة...

وفي ختام كلمته قدّم المتروبوليت أنطونيوس لقداسته طقم أنغولبيون بمناسبة اليوبيل الذهبيّ لسيامته رئيس كهنة على أبرشيّة المكسيك.

بعدما أجاب قداسته على كلمة المتروبوليت أنطونيوس، عاد فشَكر راعي الأبرشيّة وأبناءها العاملين فيها على استقبالهم وضيافتهم الابراهيميّة، مؤكِّدا ثانية على أهميّة الحضور الأنطاكيّ في البرازيل ودوره الفعّال، وأنّهم "الحضور الأرثوذكسيّ الأبرز والأقوى في أميركا اللاتينية".

كما ذكر قداستَه صاحبَ الغبطة البطريرك يوحنّا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق متمنياً له الصحّة والعافية، وشرب الجميع نخبه بعد أن رفعوا نخب قداسته.

بعدها، رافق صاحب السيادة المتروبوليت دمسكينوس قداسة البطريرك في زيارته إلى الجالية الروسيّة، ومن ثم ودّعه في المطار حيث استقل الطائرة عائداً إلى موسكو.

>>كلمة صاحب القداسة كيريل الأول بطريرك موسكو وسائر روسيا بعد القداس الإلهي في ساوباولو.

>>كلمة صاحب السيادة دامسكينوس منصور، في زيارة صاحب القداسة كيريل الأول بطريرك موسكو وسائر روسيا.