كلمة صاحب السيادة الوكيل البطريركي المطران أفرام…



2016-02-04

كلمة صاحب السيادة الوكيل البطريركي المطران
أفرام (معلولي)
في أمسية
"أصداءٌ أنطاكية من دمشق"

> لقراءة خبر الحدث ومشاهدته أنقر هنا

لعل الكلمة تعجز عن التعبير في كثير من المواقف، فتختبئ وراء المشهد. وما أحلاه مشهداً كنا شهوداً له اليوم. ما أحلاه مشهداً لم يقف عند حدود الموسيقى، بل نقلنا بلحنٍ مع كلمات إلى معانٍ سامية. فما أصدقها من رسالة لشعبنا وللمشرق وللعالم أجمع: أَنْ من ظلمة الأحداث نشع نوراً.

أردناها أمسيةً في دمشق لنطلق من هنا النداء، نداءَ سلام ورسالةَ محبة ووقفةَ تاريخ أمام ما يجري ويتسارع من أحداث في بلدنا الحبيب. أردناها أصداءً لكنيستنا الأنطاكية تعكس غنى تراث وروعةَ تاريخ.

image فأنطاكية، شاهدةً أبداً للمسيح، تطل اليوم لتؤكد أن قدس أقداسها هو الإنسان بكل أطيافه. تطل اليوم لتؤكد أنها تحمل هذه الشهادة في حياتها وتُجَسِّدُها محبةً لكل الناس. وأما نحن كأنطاكيين فنخاطب بدورنا ضمير العالم، نخاطبه بسوريتنا الموجوعة جراءَ استهداف ناسها من مدنيين وعسكريين وجراءَ تخريب أوابد تاريخها، نخاطبه بأرواح شهدائها قائلين: يكفي هزاً لسيادة الأوطان في مشرقنا. ونؤكد في الوقت نفسه بأننا راسخون هنا، ورسوخنا هذا يعني، كما قال بطريركنا، طيب العلاقة مع من أسلمنا وإياهم أمرنا لله، مع إخوتنا المسلمين الذين نتقاسم وإياهم لا تعايشاً فحسب بل عيشاً حقاً، لا تآخياً بل أُخُوَّةً، لا تحالفاً بل وَحدةً تعجز عن فصلها أحابيل الطامعين.

عشنا في هذه الأمسية مع أعظم قديسينا الدمشقيين، مع منصور بن سرجون، أمينِ خزائن الدولة الأموية، أي يوحنا مجرى الذهب، عالمِ اللاهوت والخطيبِ الأعظم، المدافعِ عن الإيمان القويم والمجادلِ العقائدي الثابت، صديقِ الخلفاء وخليفةِ الرسل في تعليمهم، زعيمِ ناظمي التسابيح الكنسية، هاديَ الرهبان ومرشدِ المؤمنين إلى ينابيع الخلاص. من اختبر حياة العالم بكل جوانبها ومنها انطلق إلى دير القديس سابا في فلسطين ليتقنن فن الفنون باعتلائه عرشه الرهباني، راكعاً، مصلياً، طالباً وضارعاً من أجلنا أجمعين.

لقد أرادنا الربُّ يسوع أن نكون نوراً للعالم. والنور لا يوضع تحت المكيال بل على المنارة ليضيء للجميع. وها أبناؤنا اليوم يعكسون أنوراً أنطاكيةً من دمشق ويقولون:

في دمشق بطريرك أنطاكية يوحنا العاشر يضع نصب عينيه همَّ الكنيسة والوطن طالباً منذ انتخابه أن نتكاتف سويةً لنجعل من كنيسة أنطاكية الصورة التي تليق بعروس المسيح، ومؤكداً من مريمية دمشق أننا في هذه الأرض عشنا وسنعيش فيها مع إخوتنا المسلمين متعاونين دوماً لخدمة الإنسان والإنسانية داعين لاحترام الجميع ورافضين أي نوع من أنواع التدخل الغريب عن تراث هذا الوطن الغالي.
في دمشق كنيسةٌ أنطاكيةٌ مشرقيةٌ بقيم عالمية وإنسانية.
في دمشق رسالةٌ مسيحيةٌ ملؤُها المحبةُ والتلاقي والسلام.
في دمشق شعب يصبر رغم شقاء عذابه واختطاف أبنائه ورعاته.
في دمشق أصواتٌ ملائكيةٌ وألحان شجية ترجمت لنا اليوم معنى الارتقاء فارتقت بنا لنثبت للعالم أجمع أن دمشق كانت عبر التاريخ، ولا تزال عاصمةً مبدعة.

نشكركم جميعاً لمشاركتكم معنا، ونستودعكم على أمل اللقاء قريباً. متمنين الشفاءَ العاجلَ لغبطة أبينا يوحنا العاشر بطريركِ أنطاكية وسائر المشرق.