البطريرك يوحنا العاشر من البلمند - أحد الابن…



2021-02-28

البطريرك يوحنا العاشر من البلمند
"كل شيء يحل لكن ليس كل شيء يوافق"

٢٨ شباط ٢٠٢١

أقيم صباح اليوم القداس الإلهي في دير سيدة البلمند، وفِي نهاية القداس كانت للبطريرك يوحنا العاشر كلمة توجيهية مما جاء فيها؛

"يتوجه الرسول بولس إلينا جميعاً ويخاطبنا قائلاً: كل شيء يحل لي ولكن ليس كل شيء يوافق. كل شيء يحل لي ولكن لا شيء يتسلط عَلي. رتب آباؤنا القديسون أن يتلى هذا المقطع من الرسالة إلى أهل كورنثوس حتى يذكرونا بالمعنى الحقيقي للصوم وللجهاد الروحي المزمع....
كل شيء يحل لي. يمكن لي أن أتم كل شيء وأن أتعاطى مع الناس كما أشاء وخاصة في هذه الأيام حيث تسود شعارات كثيرة أولها مبدأ الحرية واحترام حرية الإنسان. لكن الرسول يقول: يمكنك عمل كل شيء، لكن ليس كل شيء يوافق. هناك النافع وغير النافع.
تصلح هذه العبارة لأن تكون عنواناً لحياتنا وخارطة طريق لعيشنا في مجتمعاتنا وفِي الكنيسة وفِي البلد. تصلح لأن تكون خارطة طريق لمجتمعاتنا وذلك للمصالحة مع نفسها ومع الآخرين...

لاشيء يتسلط علي فالإرادة موجودة. وهي تقود ههنا إلى فضيلة أخرى وهي التمييز. التمييز بين النافع والضار. وهذه هي مشكلتنا في هذه الأيام في عملنا، في مجتمعاتنا وفِي أوطاننا. علينا أن نمتلك الإرادة والتصميم أن نكون أحراراً ونخضع لكلمة الله فقط فلا تتسلط علينا المصالح والغيرة والشهوة...

الصوم ليس مجرد آلية خارجية تخص الطعام والمأكل والممارسة والصلوات بل هو مسيرة تقديس وتجديد للإنسان بكيانه كله. دعوتنا في الصوم أن نمتلك التمييز والإرادة وأن نكون أسياداً غير خاضعين لمغريات هذا العالم...

وهذا ما نعاني منه في لبنان الحبيب إذا ما نظرنا الأوضاع التي وصلنا إليها. لماذا!! لأن كل شيء يحل ولكن ليس كل شيء يوافق. وهذه دعوةٌ للمسؤولين وللحكام وللجميع لكي نمتلك جميعاً هذا النضج..

صلاتي إلى الرب أن يعطينا أن ندخل هذا الصوم بروح التواضع والنضج والكبر والفهم العميق لمعنى الحياة والعلاقات الانسانية وأن نمتلك هذا التمييز والإرادة وأن نكون أسياداً وأحراراً على صورته ومثاله.

فليعطنا الرب القوة لإتمام هذه المسيرة هو المبارك إلى الأبد آمين".