رسالة الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي، القس…



2013-02-07

رسالة الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي، القس أولاف فيسكه تفيت



صاحب الغبطة،
أرجو منكم تقبل تهاني الصادقة بمناسبة تنصيبكم بطريركًا على أنطاكية وسائر المشرق. أهنئكم يا صاحب الغبطة شخصيًا كأمين عام لمجلس الكنائس العالمي، وكذلك بالنيابة عن كل الأخوة في مجلس الكنائس العالمي، وهي المنظمة المسكونية الأكثر شمولا في جميع أنحاء العالم.

نحن جميعا ندرك الدور الفريد الذي لعبته أنطاكية كمركز للمسيحية في تاريخها. دخلت التاريخ كمركز تاريخي ورسولي حيث "دعي التلاميذ مسيحيين أولاً" (أعمال 26:11)، وأيضا كمركز لشهادة لا تكل للإيمان المسيحي "لجميع الأمم" وفق وصية إلهنا ومخلصنا القائم من بين الأموات، ربنا يسوع المسيح (متى 28: 19)


إن هذا التاريخ الطويل وغير المنقطع للشهادة والإخلاص للإنجيل ساعد كنيسة أنطاكية على مواجهة كل أنواع التحديات والصعاب، وعلى مقاومة كل أنواع الرئاسات والقوى، وعلى التغلب على كل أنواع المشاكل والمتاعب على مر العصور. نحن جميعا ممتنون ومدينون لكنيسة أنطاكية: لمدرستها اللاهوتية القديمة، لشهاداتها ولشهدائها العديدين، وللقيادات الروحية، وايضًا لقيادتها المعاصرة في كل من العلاقات بين الطوائف المسيحية وبين والأديان.


في ظل قيادة بطاركة حكماء ودعمٍ مستمر من أعضاء المجمع المقدس، ومن الإكليروس والعلمانيين، وكذلك من أساتذة اللاهوت، استطاعت الكنيسة (الأنطاكية)، خاصة في القرن الماضي، البقاء شاهدًا مسيحيًا قويًا ضمن النطاق القانوني في الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه استطاعت تنظيم الشتات المتنامي في أجزاء أخرى من العالم. قدرة الكنيسة الأنطاكية على الرد على التحديات الفورية في عالم سريع التغير جعل منها نموذجًا يحتذى به من كنائس أخرى كثيرة، أكانت من تقاليد أرثوذكسية أو من تقاليد أخرى.


تم انتخابكم يا صاحب الغبطة من قبل المجمع المقدس لبطريركية أنطاكية الأرثوذكسية لتقدموا قيادتكم الروحية في أوقات حاسمة من التاريخ، في أوقات حاسمة لكنيستكم، ولمنطقتكم، لا بل وللعالم بأسره.


وقد دعيتم يا صاحب الغبطة إلى حمل تراثِ أسلافك الثقيلٍ والثمينٍ، ليس أقلها تراث سلفك الطيب الذكر البطريرك اغناطيوس (الرابع)، الذي كان معروفًا ومحترمًا في كل أنحاء العالم من قبل الأرثوذكس، والأخوة المسيحيين، وايضًا من المسلمين، معروفًا ومحترمًا بسبٍ من حكمته وانفتاحه والتزامه بالحوار، وجهوده الدؤوبة نحو الوحدة المسيحية.


نحن جميعا نعلم ونقدر عطاياكم ومواهبكم، المثبّتة من خلال خدمتكم كأستاذ، وكأب روحي لرهبانياتٍ، وكأسقف، ومؤخرا كمتروبوليت في فرنسا، مسؤولاً عن رعايا كنيستك في أوروبا الغربية والوسطى. ونحن جميعا نعلم أن كل المؤمنين في بطريركية أنطاكية يقفون وراء غبطتم. وبصفتي أمين عام لمجلس الكنائس العالمي أود التأكيد لغبطتكم أن سائر الجماعة المسكونيّة تدعمكم وتدعم كنيستكم.


لسوء الحظ، لم أكن قادرا على المشاركة شخصيا في تنصيبكم، ومع ذلك، تم تمثيل المجلس العالمي للكنائس من قبل وفد ضمّ بعض الأعضاء. وإنني أتطلع إلى لقائكم يا صاحب الغبطة في أقرب مناسبة.


لك بإخلاص في الرب يسوع المسيح الذي يجمعنا


الأمين العام القس د. أولاف فيسكه تفيت
جنيف في 7 شياط 2013