السبت العظيم المقدس - سبت النور

2014-04-19
السبت العظيم المقدس - سبت النور
123
الرسالة (في السحر)
1كور6:5- 18، غلا 13:3- 14

قم يا ربي وإلهي ولترتفع يدك
أعترف لك يا رب من كلِّ قلبي

فصل من رسالة القديس بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس

يا أخوةُ. لَيْسَ افْتِخَارُكُمْ حَسَنًا. أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ خَمِيرَةً صَغِيرَةً تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ؟ إِذًا نَقُّوا مِنْكُمُ الْخَمِيرَةَ الْعَتِيقَةَ، لِكَيْ تَكُونُوا عَجِينًا جَدِيدًا كَمَا أَنْتُمْ فَطِيرٌ. لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبحَ لأَجْلِنَا. إِذًا لِنُعَيِّدْ، لَيْسَ بِخَمِيرَةٍ عَتِيقَةٍ، وَلاَ بِخَمِيرَةِ الشَّرِّ وَالْخُبْثِ، بَلْ بِفَطِيرِ الإِخْلاَصِ وَالْحَقِّ.
اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ.

الرسالة (في القدّاس)
(رو3:6- 11)

يسجد لك كلُّ أهل الأرض ويرتّلوا لك
هللوا لله يا أهل الأرض

فصل من رسالة القدّيس بولس الرسول إلى أهل رومية

يا أخوةُ. أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ، فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ؟ لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ. عَالِمِينَ هذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ. لأَنَّ الَّذِي مَاتَ قَدْ تَبَرَّأَ مِنَ الْخَطِيَّةِ. فَإِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَ الْمَسِيحِ، نُؤْمِنُ أَنَّنَا سَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ. عَالِمِينَ أَنَّ الْمَسِيحَ بَعْدَمَا أُقِيمَ مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يَمُوتُ أَيْضًا. لاَ يَسُودُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ بَعْدُ. لأَنَّ الْمَوْتَ الَّذِي مَاتَهُ قَدْ مَاتَهُ لِلْخَطِيَّةِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَالْحَيَاةُ الَّتِي يَحْيَاهَا فَيَحْيَاهَا ِللهِ. كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا احْسِبُوا أَنْفُسَكُمْ أَمْوَاتًا عَنِ الْخَطِيَّةِ، وَلكِنْ أَحْيَاءً للهِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.

بروكيمنون باللحن السابع

+ قم يا الله واحكم في الأرض لأنك ترث جميع الأمم
الله قام في مجمع الآلهة وفي الوسط يدين الآلهة

+ قم يا الله واحكم في الأرض لأنك ترث جميع الأمم
إلى متى تقضون ظلمًأ وتحابون وجوه الخُطاة

+ قم يا الله واحكم في الأرض لأنك ترث جميع الأمم
أحكموا لليتيم والفقير وأنصفوا المسكين والبائس

+ قم يا الله واحكم في الأرض لأنك ترث جميع الأمم
لم يعلموا ولم يفهموا، هم في الظلمة يسلكون، لتتزلزل كلُّ أسس الأرض

+ قم يا الله واحكم في الأرض لأنك ترث جميع الأمم
أنا قلت إنّكم آلهةٌ وبنو العلي كلكم، فأنتم كالناس تموتون وكأحد الرؤساء تسقطون

+ قم يا الله واحكم في الأرض لأنك ترث جميع الأمم

الأنجيل (في السحر) 
(متى 27: 62- 66)
 فصل شريف من بشارة القدّيس متّى الأنجيلي البشير والتلميذ الطاهر

وَفِي الْغَدِ الَّذِي بَعْدَ الاسْتِعْدَادِ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ إِلَى بِيلاَطُسَ، قَائِلِينَ:«يَا سَيِّدُ، قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ. فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ، لِئَلاَّ يَأْتِيَ تَلاَمِيذُهُ لَيْلاً وَيَسْرِقُوهُ، وَيَقُولُوا لِلشَّعْبِ: إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، فَتَكُونَ الضَّلاَلَةُ الأَخِيرَةُ أَشَرَّ مِنَ الأُولَى!» فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ:«عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ. اِذْهَبُوا وَاضْبُطُوهُ كَمَا تَعْلَمُونَ». فَمَضَوْا وَضَبَطُوا الْقَبْرَ بِالْحُرَّاسِ وَخَتَمُوا الْحَجَرَ.

 الأنجيل (في القداس) 
(متى 28: 1- 19)
فصل شريف من بشارة القدّيس متّى الأنجيلي البشير والتلميذ الطاهر

وَبَعْدَ السَّبْتِ، عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ. وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ، وَجَلَسَ عَلَيْهِ. وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ، وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ. فَمِنْ خَوْفِهِ ارْتَعَدَ الْحُرَّاسُ وَصَارُوا كَأَمْوَاتٍ. فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لِلْمَرْأَتَيْنِ :«لاَ تَخَافَا أَنْتُمَا، فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ. لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ! هَلُمَّا انْظُرَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ الرَّبُّ مُضْطَجِعًا فِيهِ. وَاذْهَبَا سَرِيعًا قُولاَ لِتَلاَمِيذِهِ: إِنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ قُلْتُ لَكُمَا». فَخَرَجَتَا سَرِيعًا مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ، رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ. وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ:«سَلاَمٌ لَكُمَا». فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ. فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ:«لاَ تَخَافَا. اِذْهَبَا قُولاَ لإِخْوَتِي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي».
وَفِيمَا هُمَا ذَاهِبَتَانِ إِذَا قَوْمٌ مِنَ الْحُرَّاسِ جَاءُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْبَرُوا رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ بِكُلِّ مَا كَانَ. فَاجْتَمَعُوا مَعَ الشُّيُوخِ، وَتَشَاوَرُوا، وَأَعْطَوُا الْعَسْكَرَ فِضَّةً كَثِيرَةً قَائِلِينَ:«قُولُوا إِنَّ تَلاَمِيذَهُ أَتَوْا لَيْلاً وَسَرَقُوهُ وَنَحْنُ نِيَامٌ. وَإِذَا سُمِعَ ذلِكَ عِنْدَ الْوَالِي فَنَحْنُ نَسْتَعْطِفُهُ، وَنَجْعَلُكُمْ مُطْمَئِنِّينَ». فَأَخَذُوا الْفِضَّةَ وَفَعَلُوا كَمَا عَلَّمُوهُمْ، فَشَاعَ هذَا الْقَوْلُ عِنْدَ الْيَهُودِ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.
وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذًا فَانْطَلَقُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى الْجَبَلِ، حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ. وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ، وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا. فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً:«دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. 20وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ.

 

 

سر نزول المخلص إلى الجحيم

  للمطران سلوان موسي
  متروبوليت بوينس آيرس وسائر الأرجنتين - من كتابه "سر القيامة" ص 53- 59.

0

لو أن الربّ يسوع لم يحتضن بتدبيره الخلاصي كل الكائنات، أولئك الحاضرين، أولئك الذين كانوا، وأولئك الذين سيولدون، لما كان مخلصَ الجنس البشري. فهو لا شكّ خالق كلّ هؤلاء وإلههم ومخلصهم بآن، وتنعكس هذه الحقيقة بقول بولس الرسول: "يسوع المسيح هو هو، البارحة، اليوم وإلى الأبد" (عب 8: 13).
لذلك فإن نـزول المخلص إلى الجحيم بعد موته على الصليب، وهو مثوى نفوس كلّ الذين عاشوا وماتوا قبل مجيئه إلى العالم، كان عملاً طبيعيًّا ضروريًّا ومنطقيًّا. نـزول المخلص إلى الجحيم والبشارة التي تمّت هناك يشكّلان جزءًا لا يتجزّأ من التدبير الخلاصيّ للجنس البشريّ.
1 يرى البعض في رواية متّى الإنجيليّ للأحداث التي رافقت صلب المخلص وصفًا دراميًّا لنـزول المخلص إلى الجحيم: "والأرض اهتزّت، والصخور تشقّقت، والقبور تفتّحت وقامت أجساد قدّيسين راقدين، ودخلت المدينة المقدّسة (أورشليم) بعدما قامت من بين الأموات وظهرت لكثيرين" (27: 51-53). بعد ذلك يتحدّث عن وقوع زلزال (28: 2)، كأنه يربط بين موت المسيح وقيامته. فالزلزال علامة لظهور إلهيّ على غرار تجلّيات الله في العهد القديم. يُظهر تصوير متّى للحدثَين أن المسيح على الصليب والمسيح في القبر هو منتصر وليس ضحيّة.
petros بطرس الرسول هو أول من علّم عن نزول المسيح إلى الجحيم حيث لم تُطِق هذه مرآه، وهناك حرر المقيدين منذ الدهر:" فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ، الَّذِي فِيهِ أَيْضًا ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ" (1بط3: 18- 19) ويتابع في مكان آخر:" فَإِنَّهُ لأَجْلِ هذَا بُشِّرَ الْمَوْتى أَيْضًا، لِكَيْ يُدَانُوا حَسَبَ النَّاسِ بِالْجَسَدِ، وَلكِنْ لِيَحْيَوْا حَسَبَ اللهِ بِالرُّوحِ" (1بط4: 6). فروح المخلص نزلت إلى الجحيم وهو بشّر الأرواح التي هناك (أع2: 24). وهذا هو موضوع تحرير آدم والمقبوض عليهم في الجحيم، الذي يشكّل موضوع صلوات السبت العظيم (سبت النور) والفصح. وتقول إحدى التقاريظ:"يا رب نزلت إلى الأرض تطلب آدم، ولما لم تجده هناك نزلت تطلبه في الجحيم".
Paul أما بولس الرسول، فعندما يستشهد بالمزمور:" إِذْ صَعِدَ إِلَى الْعَلاَءِ سَبَى سَبْيًا وَأَعْطَى النَّاسَ عَطَايَا" (مز67: 19)، يشرحه بقوله:" وَأَمَّا أَنَّهُ صَعِدَ، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضًا أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى. اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أَيْضًا فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلأَ الْكُلَّ" (أف4: 8- 10).
أما آخر الشهادات الرسولية والإنجيلية حول سر نزوله إلى الجحيم فهي إعلان الرب نفسه لتلميذه الحبيب يوحنا في سفر الرؤيا:"ولي مفاتيح الهاوية والموت" (رؤ1: 18).

من هذا التعليم الرسولي نتوقف عند نقطتين:

أ. متى وكيف نزل المخلص إلى الجحيم؟
ب. ما هي نتائج البشارة التي أعلنها المخلص هناك وما كانت نتائج هذا النزول وتلك البشارة؟

 1. سر موت المسيح بالجسد

يظهر المسيح في حياته كما في موته، إنه إنسان تامٌ حقيقيٌ. كان موته كموت سائر البشر بانفصال النفس عن الجسد ولكن بفارق واحد: وإن انفصلت النفس عن الجسد إلاّ أن كلَيهما بقي متّحدًّا أقنوميًا بألوهته، فإن الألوهة لم تفترق عن جسد المسيح في القبر ولا عن نفسه في الجحيم، وقد عبرت الكنيسة عن هذه الحقيقة في صلاتها: "لقد كنتَ في القبر بالجسد، وفي الجحيم بالروح، وفي الفردوس مع اللص، وعلى العرش مع الآب والروح، أيّها المسيح المنزّه عن أن يكون محصورًا"
2. سر نزول المسيح إلى الجحيم
يصف بطرس الرسول هذا السرّ بقوله "مماتًا بالجسد محيى بالروح الذي فيه أيضًا ذهب فكرز للأرواح التي في السجن" (1 بط 3: 19). وهذا معناه أن المسيح، بينما كان بجسده في القبر، نـزل بالروح إلى الجحيم أثناء موته الثلاثيّ الأيّام. إذن هناك في القبر جسد ميت، وهناك في الجحيم نفس حيّة. وقد أوضح بطرس الأمر في عظته يوم العنصرة، مستشهدًا بالمزمور: "لأنك لن تترك نفسي في الهاوية ولا تدع قدوسك يرى فسادًا" (أع 2: 27 ومز 15: 10) مؤكّدًا بذلك نـزول المخلص بنفسه البشريّة إلى الجحيم بينما كان جسده مطروحًا ميتًا في القبر.
يتّفق التقليد الكنسيّ مع الكتاب المقدّس حول هذا التعليم. يقول القدّيس إيريناوس: "إن المسيح خضع لقانون الموت ليكون بكر الناهضين من الأموات، وبقي حتى اليوم الثالث في أعمق أعماق الأرض". ويقول القدّيس أثناسيوس الكبير: "بلغت بُشْرَةُ المسيح القبرَ، أما نَفْسُه فقد نـزلت إلى الجحيم. فقد أودع يسوع جسده حيث جسد الإنسان ينحلّ، أما نفسه فحيث نفس الإنسان يقيّدها الموت. لم يبقَ المسيح كإنسان بعيدًا عن الموت حتى يدمّر كإله سلطانَ الموت، فحيث زُرع الفساد هناك ينبت عدم الفساد".
3. سر بشارة الأموات في الجحيم
2 أرفق المسيح نـزوله إلى الجحيم ببشارة الإنجيل الذي كرز به على الأرض. فالإنجيل والخلاص هو نفسه لكلّ الناس، الذين على الأرض والذين في الجحيم، على حدّ تعبير بطرس الرسول. لقد بشّر المسيح بنفس دون جسده النفوسَ (في الجحيم) دون أجساد. لم تكن روح المخلّص لتختلف عن نفوس البشر في الجحيم سوى باتّحادها بألوهته. أما كيف تمّ التواصل بين روح المخلص وأرواح الموتى فأمر نجهله. ما من شكّ أنه بغياب وساطة الجسد، كانت النفوس تتمتّع بحسّ تواصل أسرع وأكثر شفافية مما وهي في الجسد. فإذا كانت الكرازة على الأرض استغرقت ثلاث سنوات، ففي الجحيم لم يلزم أكثر من ثلاثة أيّام، سيما وأن نفوس الأموات قد سبق تهيئتها على يد السابق يوحنا المعمدان، كما تعبّر الكنيسة عن هذه الحقيقة في في طروبارية السابق: "وكرز للذين في الجحيم بالإله الظاهر بالجسد والرافع خطيئة العالم والمانح إيّانا الرحمة العظمى".لم يستثنِ المخلص من الكرازة أحدًا، حتّى أكثر الخطأة، كما يبيّن ذلك الرسول بطرس، فالكرازة شملت حتّى أولئك الذين بسبب مساوئهم العديدة قضوا في الطوفان (1 بط 3: 20).
4. الواقع الجديد الذي فرضه المخلص
jean_damascene ما من شكّ أن النفوس في الجحيم كانت حرّة في الاستجابة لكرازة المخلص، سلبًا أم إيجابًا، بالرفض أو بالموافقة. فلو أن النفوس في الجحيم كانت محرومة من إمكانية الاختيار فما معنى نـزول المخلص إليها وكرازته فيها، طالما أن النتيجة لا ترتبط باختيار إنساني، ولكن بالإكراه؟
يقول الذهبيّ الفمّ في عظة يوم الجمعة العظيمة: "اليوم جال المخلص في كل أرجاء الجحيم، اليوم خلع الأبواب النحاسية وحطم أقفاله الحديديّة (أش 45، 2). كم من الدقة في الوصف! لم يقل "قد فتح الأبواب"، بل خلعها، ليؤكّد أنه جعل أبوابها عديمة الاستعمال ثانية، ولم يقلْ "سحب الأقفال" بل حطّمها، ليؤكّد أن حراسة المكان باتت غير ممكنة. فهل من الممكن اعتقال أحدهم في سجن دون أبواب، أو خلف أبواب بغير أقفال؟ وإذا كان المسيح هو مَن خرّبها، فمَن يستطيع أن يصلحها؟ فالمقصود هنا أنه وضع حدًّا للموت. فالأبواب النحاسيّة صورة عن صلابة الموت وقساوته. وأما الآن وقد أشرق النور في الجحيم، غدت الجحيم سماءً".
أمّا القديس ألكسندروس الاسكندري فيقول إن المسيح لم ينزل إلى الجحيم بالجسد بل بالنفس. فهو يعمل في كل مكان. فبينما كان بجسده يقيم أجساد الموتى، كان بنفسه يحيي نفوسهم. القبور تفتّحت بجسد المخلص القائم، أقفال الجحيم تحطّمت، الحياة عادة إلى نفوس الموتى لأن المخلص غلب الجحيم وسحق الموت وانتصر على العدو. لذلك خرجت النفوس من الجحيم وظهر الأموات على الأرض.

3

 

end