يسوع المسيح ابن داود
«إِرحَمنا يا ابنَ داوُد!»
ما سر هذه التسمية : ابن داود؟
تعريف:
كان اليهود يؤمنون بأن المسيح سيولد من نسل داود بحسب نبؤات الأنبياء في العهد القديم.
ووفق ما جاء في التاريخ فإن داود الملك هو من نسل ابراهيم أبو الاجداد والآباء وأبو كلّ المؤمنين خليل الله.
وهنا لا بد من تسليط الضوء على أهميّة هذا اللقب، وأهميّة هذا النسب وتسلسله، أي شخص داود الملك وشخص ابراهيم وارتباط اللقب بموضوع الوعد الذي أعطاه الله لابراهيم وتجدّد بدوره لداود النبيّ، والذي على أساسه أتى المسيح المخلّص.
ابراهيم:
اسم إبراهيم في الأصل هو " أبرام" وينتمي إلى نسل سام إبن نوح، واعتبر ابرام أبو لوط عرفًا بعد أن توفى أباه الذي هو شقيق ابرام.
كان اسم زوجة أبرام ساراى، وكانت عاقراً ليس لها ولد، وهما من نفس الأب ولكن من أم مختلفة.
عاش أبرام في أور الكلدانيين حيث كان الناس يعبدون الأوثان، العراق اليوم.
لم تكن هذه المدينة بعيدة عن بابل التي حاول نمرود أن يبني فيها برجاً شامخاً.
ولكن في الحقيقة كان قلب أبرام ينبع بشيء مختلف، فأظهر الله نفسه له وتكلّم معه:
"وقال الرب لأبرام اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك، إلى الأرض التي أريك. فأجعلك أمةً عظيمةً، وأباركك، وأعظم اسمك، وتكون بركةً. وأبارك مباركيك، ولاعنك ألعنه. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض.’’ (تك 1:12-3).
وهكذا آمن أبرام بالرّب، فحسبه له الرّب برّاً. (تك 1:15-6)
وكلمة أؤمن التي تأتي منها كلمة " آمين" تعني "نعم؛ أوافق"، وهذا هو معنى الإيمان، أي أؤمن يا رّب بكلامك لأنّه حقيقي.
وهكذا وعد الله ابرام أنّه سيجعل منه أباً لأمّةٍ عظيمة ٍبالرغم من تقدّمه وزوجته في السن وعدم انجابهما، وكان قد تعدّى السبعينات.
ولكن ما هو المعنى الحقيقي لكلمة نسل؟ وكيف الله غيّر اسم ابرام لابراهيم؟.
فبعد سنين مضت ولمّا كان أبرام ابن تسعٍ وتسعين سنةً، ظهر الرّب له وقال: " أنا الله القدير. سِر أمامي وكن كاملاَ. فأجعل عهدي بيني وبينك وأُكَثِّرَكَ كثيراً جداً. فهوذا عهدي معك، وتكون أباً لجمهورٍ من الأمم. فلا يُدعى اسمك بعد أبرام، بل يكون اسمك إبراهيم. لأني أجعلك أباً لجمهور من الأمم. وأكثِّرك كثيراً جداً، وأجعلك أمماً، وملوكٌ منك يخرجون. وأقيم عهدي بيني وبينك، وبين نسلك من بعدك في أجيالهم، عهداً أبدياً."
كما غيّر الله اسم زوجته من ساراي إلى سارة ووعهده بأن يعطيه منها أبناً بعد أن كان له اسماعيل من هاجر. وهي كان لها من العمر تسعين سنةً.
فهذه الآيات تترجم عهدًا جديدًا: أبرام أصبح " إبراهيم" الذي يعني " أباً لكثيرين" وساراي أصبحت "سارة" الذي يعني "أميرة".|
من هذا النسل سيأتي ملوكاً وأنبياء كثيرون، وفي النهاية، سيأتي مخلّص العالم. وهذا تمامًا ما فسرّه بولس الرسول في رسالته إلى أهل غلاطيّة. " نسل وليس أنسال."
داود الملك:
وُلِد داود في القرن العاشر قبل الميلاد قرب منتصف الزمن بين إبراهيم والمسيح، ومعنى اسمه "المحبوب". هو أصغر أولاد يسّى السبعة الذي عاش في بيت لحم وكان راعيًا ناجحًا، إلا أنّه كان الأقرب إلى قلب الله.
كان داود من سبط يهوذا الذي تنبأ عنه يعقوب بأن صولجان الملك لن يزول منه، أي بأنّه ستكون قيادة بني إسرائيل وملوكهم من سبط يهوذا (سفر التكوين ٤٩: ١٠)
فقد مُسح داود ملكًا على يد صموئيل النبيّ وهو مازال صغيرًا قي السن وكان شاول مازال ملكًا، ونتيجة انتصاراته لاحقًا تُوّج ملكًا، وهو الذي نقل العاصمة الى أورشليم. كما أتى بتابوت العهد الى خيمة الشهادة.
هو من وحّد مملكة بني إسرائيل إذ كان ملكًا عليها لأربعين سنة وأصبح نموذجاً وملهمًا.
وعده الله أن يدوم بيت داود ومملكته إلى الأبد لذلك قيل أن المسيا أي المسيح سوف ينحدر من داود.
"متى كملت ايامك واضطجعت مع ابائك اقيم بعدك نسلك الذي يخرج من احشائك واثبت مملكته" (2صم13,12:7).
يُنسب تأليف معظم كتاب المزامير لداود.
سعى داود إلى بناء بيت لله في أورشليم القدس، وقال الله له انه سيتم بناء البيت، ولكن ليس من قبله بل من قبل أحد أبنائه، لأن داود كان يخوض غمار الحروب وكان من الواجب أن يكون بيت المقدس بيت سلام، إلاّ أن ذلك لم يمنعه من أن يقدّم بسخاء أموالاً طائلةً وكلّ المستلزمات اللازمة لبناء ذلك البيت.
ختم داود حياته بهذه الكلمات:" إِلَهُ إِسْرَائِيلَ تَكَلَّمَ، صَخْرَةُ إِسْرَائِيلَ قَالَ لِي: عِنْدَمَا يَحْكُمُ إِنْسَانٌ بِعَدْلٍ عَلَى النَّاسِ وَيَتَسَلَّطُ بِمَخَافَةِ اللهِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ عَلَيْهِمْ كَنُورِ الْفَجْرِ، وَكَالشَّمْسِ يَشِعُّ عَلَيْهِمْ فِي صَبَاحٍ صَافٍ، وَكَالْمَطَرِ الَّذِي يَسْتَنْبِتُ عُشْبَ الأَرْضِ". (ﺻﻤﻮﺋﻴل ﺍﻟﺜﺎﻧي ٢٣ : ٣-٥).
ملاحظة: كان اليهود يصلّون يومياً في صلواتهم الثابتة أن يجدد الله ملكوت بيت داود على وجه السرعة بإقامة عرشه في أورشليم القدس المبنية من جديد وأن يرفع سليله المسيح بن داود ويمكّنه من أن يزدهر، لأن قدوم المسيح يجلب السلام.
وهذا ما يترجم وجود آيات أخرى تصب في السياق نفسه:
- فَبُهِتَ كُلُّ الْجُمُوعِ وَقَالُوا:"أَلَعَلَّ هذَا هُوَ ابْنُ دَاوُدَ؟ (متى 12: 23)
- وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً:"ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا. (متى 15: 22)
- وَإِذَا أَعْمَيَانِ جَالِسَانِ عَلَى الطَّرِيقِ. فَلَمَّا سَمِعَا أَنَّ يَسُوعَ مُجْتَازٌ صَرَخَا قَائِلَيْنِ: "ارْحَمْنَا يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ (متى 20: 30)
- وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ قَائِلِينَ:"أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ" (متى 21: 9)
وهذا كله ليشير إلى ما ينتظرونه من سلام وما وجدوه في يسوع وشاهدوا عجائبه.
هذا من ناحية اليهود أمّا من ناحية الإنجيل فنجد ما يلي:
نسب يسوع:
- يؤكّد الملاك جبرائيل للعذراء مريم: " وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ "
- نسبي يسوع الذين تم ذكرهما في متى 1: 1- 17 وفي لوقا 3: 23- 38.
أول هذين النسبين يشير إلى نسبه من يوسف المفترض بأن يكون هو والد يسوع ، وهذا يظهر أنه انحدر مباشرة من النسل الملكي للملك داود.
وأيضًا من جهة أمّه، مريم العذراء، فنسبها الذي ذكر في لوقا 3: 23- 38 يُظهِر أنها كانت ذات نسباً مباشراً لداود. إذاً هو ابن داود من ناحية النسب والشرع.
خلاصة:
وفقاُ لنبؤات العهد القديم، فالمسيا المنتظر كان لابد له وأن يكون من نسل إبراهيم (التكوين 21: 12 وغلاطية 3: 16) وأيضاً من نسل داود ( أنظر مزمور 132: 11 وأعمال الرسل 2: 29- 30). وكان يسوع من نسلهما.
وهذا ما أعلنه متى الإنجيلي في بداية إنجيله: " كتاب يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ "
نعم حق قالله وعده ليس لإبراهيم وداود فقط (سفر التكوين 21: 12، مزمور 132: 11) بل للناس أجمعين( التكوين 3: 15) فكان هو بذاته الراعي الصالح الذي تجسّد خلاصًا للبشريّة جمعاء .
فيا يسوع المسيح يا ابن داود ارحمنا وخلّصنا.
2024-10-06
القداس الإلهي في كنيسة الصليب…
2024-10-08
بيان صادر عن المجمع الأنطاكي…
2024-10-10
نداء الأرثوذكس في لبنان "دعوا…
2024-10-16
كلمة البطريرك يوحنا العاشر في…
2024-10-31
شبكة الفصح للسنة الميلاديّة ٢٠٢٥